سليمان جودة
مهم للغاية أن يكون اللقاء الذى سينعقد غداً، بين الرئيس السيسى، والرئيس أوباما، قد جاء بطلب من جانب الولايات المتحدة، وليس بطلب منا، غير أن الأهم من ذلك هو ما سوف يكون على رئيسنا أن يقوله لساكن البيت الأيض حين يلقاه.
وبصرف النظر عما سوف يقوله أوباما، أو يطلبه خلال اللقاء، فإننى أتصور أن يذهب الرئيس إلى هذه القمة بينهما، وفى يده أربعة مطالب، لا خامس لها، وأن يكون على يقين من أنهم فى واشنطن يحتاجون إلينا، بمثل ما نحتاج نحن إليهم، بل ربما يحتاجوننا هم أكثر.. فلسنا ضعفاء إلى هذا الحد، وليسوا أقوياء إلى هذه الدرجة.
أتصور أن يذهب السيسى إلى اللقاء فيبدأ الحديث مع الرئيس الأمريكى هكذا: أنتم تحتاجون أن نكون معكم فى التحالف ضد الإرهاب.. حسن جداً.. نحن معكم.. ولكن لا شىء تبذله دولة فى العالم لدولة أخرى بلا ثمن، ونحن، بالتالى، نزيد هذا الثمن، وعندما نريده فإننا لا نتكلم لغة مهجورة، وإنما نتكلم اللغة المعتمدة فى العالم كله، بدءاً من الولايات المتحدة نفسها!
ثم أتصور أن الرئيس الأمريكى سوف يزداد إنصاتاً للرئيس فى هذه اللحظة، وسوف يكون مهيأ تماماً لأن يسمع ما يجب أن يسمعه منا.
عندئذ سوف يقول الرئيس إن مطلبنا الأولى أن يتحدد، ومنذ الآن، موعد لتسليم الطائرات الأباتشى المحتجزة فى واشنطن منذ أشهر، وأن يكون الموعد باليوم والساعة، لأن المصريين زهقوا من حكاية أن أمريكا تنوى، أو تعتزم، أو تفكر فى تسليمها.. فهذا كلام صار مكشوفاً بالكامل، وأصبحت الحكاية سخيفة بما يكفى، ثم إن الإسراف فى الكلام عن تسليم الطائرات، دون فعل، يجعل الولايات المتحدة تفقد، يوماً بعد يوم، ما تبقى لها من مصداقية عندنا، وفى المنطقة عموماً.. هذا، إذن، هو مطلبنا الأول، وهو مطلب محدد، ولا يحتمل التأجيل، ولا التسويف.. نريد موعداً بحيث يكون يوم كذا، الساعة كذا، فقد شبعنا من حكاية ننوى، ونعتزم، ونفكر فى تسليمها.. شبعنا!
وأما الثانى فهو أننا كنا قد دخلنا تحالفاً مشابهاً مع الولايات المتحدة، وقت تحرير الكويت عام 1991، وعندها تم شطب نصف ديوننا تقريباً، من خلال نادى باريس الشهير، ونريد اليوم شيئاً مماثلاً، ونريد تعهداً واضحاً بذلك، لأن هذا هو أقل شىء يمكن أن نطلبه، ثم إن لنا حقاً فى أن نطلبه.
أما المطلب الثالث فهو أن تتوسع دائرة مواجهة الإرهاب، وأن تفهم دول التحالف، الذى تقوده الولايات المتحدة، أن «داعش» إذا كان، كتنظيم إرهابى، يمثل فرعاً، مع فروع أخرى فى المنطقة، وفى العالم، فإن هناك أصلاً لهذا كله، اسمه جماعة الإخوان، وليس من العقل، ولا من الحكمة، أن تذهب لتنزع فرع الشجرة، ثم تترك أصلها فى الأرض، إذ لا معنى لذلك، إلا أن فروعاً أخرى سوف تنشأ وفى الحال.. وإذا كان هناك أحد سوف يجادل فيما نقول، فى هذه النقطة تحديداً، فليراجع مسلك الجماعة الإخوانية مع المصريين، منذ ثورة 30 يونيو 2013، إلى اللحظة، وسوف يقتنع عند ذلك، إذا كان موضوعياً فى مراجعته، بأن كل الدواعش التى تشغل العالم لها أصل واحد ضارب فى الأرض اسمه الإخوان!
وأما رابع طلب، فهو أنه يستحيل أن يقاوم هذا التحالف إرهاب داعش أو غيره، دون أن يلتفت إلى أن هناك دولاً فى المنطقة تموله وتطعمه، وهى معروفة، وتكاد تشير إلى نفسها بيدها هى!.. ولابد بالتالى من موقف واضح معها.
هنا.. أتصور أن الرئيس سوف يتوقف عن الكلام، وسوف يهمس فى أذن أوباما بأن هذا هو كل ما عنده، وأنه يريد أن يسمع وجهة النظر الأمريكية.. وعندئذ فقط، سوف نعرف ما إذا كان الأمريكان جادين، حين دعوا إلى عقد اللقاء، أم أنهم أرادوا به لقاء من النوع «الأمريكانى» بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى لدى أولاد البلد عندنا!