توقيت القاهرة المحلي 11:49:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما هو أسوأ من الحرق!

  مصر اليوم -

ما هو أسوأ من الحرق

سليمان جودة

أسوأ ما فى حكاية حرق الكتب فى الجيزة، ليس أبداً أن وكيلة وزارة التعليم، فى المحافظة، كان عليها أن تختار طريقة أخرى للتعامل مع الكتب التى تدعو إلى العنف بين الناس.. لا.. ليس هذا هو أسوأ ما فى الحكاية، لأن الحرق، كأسلوب، رغم أنه سيئ، ورغم أنه مرفوض، إلا أن هناك، بكل أسف، ما هو أسوأ منه فى الموضوع كله بمراحل!

وأسوأ ما فى الحكاية، ليس أن وكيلة الوزارة لم ترجع إلى وزيرها المسؤول، قبل أن تتولى الإشراف على العملية من أولها إلى آخرها، وأمام الكاميرات، كما تابعنا جميعاً.. لا.. ليس هذا، مع سوئه الظاهر، هو أسوأ ما فى الأمر، لأن هناك ما هو أسوأ منه بكثير، كما سوف ترى معى حالاً، حين نتطلع إلى القضية فى مجملها.. أقصد قضية التعليم فى البلد كله، كقضية مستقبل لنا جميعاً.

وأسوأ ما فى الموضوع، ليس أن الوزير المسؤول د. محب الرافعى، قد فوجئ بما حصل، وأنه على الفور قد أحال المسؤولة إلى التحقيق!.. فهذا فى حد ذاته، أقصد أن يفاجأ الوزير بأمر كهذا فى وزارته، ودون علمه، يظل شيئاً سيئاً للغاية بالطبع.. ولكن.. هناك ما هو أسوأ منه، وأسوأ!

وتستطيع أنت، أن تظل تحصى الأشياء السيئة فى هذا الطريق، إلى ما لا نهاية، ثم تفاجأ، فى النهاية، أن كل السوء الذى أحصيته، إنما هناك ما هو أسوأ منه بكثير!

ما هو أسوأ من كل هذا كله، والذى ظللت أنا أستدرجك من أول هذه السطور إلى هنا، لتعرفه، أننا كنا طول الوقت نراهن على أن ينتقل شأن التعليم من إطاره الضيق، باعتباره شأناً يخص الوزير الجالس على الكرسى، ليصبح شأنا أعم يخص دولة بأكملها، وفى أعلى مستوياتها.. كنا نراهن على هذا، طوال سنوات مضت، ولانزال نراهن عليه طبعاً، ليس طعناً فى كفاءة هذا الوزير، أو ذاك، ولا إقلالاً من قيمته، ولكن لأن هذا هو أمر التعليم فى أى بلد، يريد أن يغادر تخلفه المقيم إلى حيث يقف مع بلاد العالم الناهض حيث هى، ولأن التعليم عندما يكون قضية دولة بكل كيانها، فلن يؤثر فيه، ولا عليه، عندئذ، رحيل وزير، أو مجىء آخر، وسوف يأتى أى وزير، حين يأتى، لينهمك منذ لحظته الأولى فى تنفيذ «سياسة دولة» فى التعليم، لا سياسته هو، وسوف يختلف كل وزير، عندئذ أيضاً، عن السابق عليه، واللاحق له، فى الأسلوب، وليس فى الهدف، ولا الغاية!

كنا نراهن على هذا، ونطلبه، ونلح عليه، وكانت الدولة، ولاتزال بكل أسف كذلك، تراوغ وتقول بأن لديها أولويات أخرى، أكثر ضغطاً عليها، مع أنها لو أنصفت نفسها، وأنصفتنا معها، لأدركت أن التعليم حين يكون أولويتها الأولى، التى لا تنازعها أولوية أخرى، فسوف يكون ذلك لصالحها هى كدولة، ذات كيان يحترمه العالم، قبل أن يكون لصالح كل واحد من مواطنيها!

كنا نراهن.. ونراهن.. ونراهن.. ونأسف لأن يكون التعليم فى البلد، قضية وزير، لا قضية دولة، فإذا بواقعة الحرق تصدمنا، بما لم يكن على بالنا، ولا على خاطرنا، وهو أن أمر التعليم قد انحدر ليصبح قضية وكيل الوزارة!! لا الوزير نفسه!!

فإذا وجدت أنت ما هو أسوأ من هذا فى مسيرة التعليم على أرضنا، فأرجوك أن تدلنى عليه.. أرجوك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هو أسوأ من الحرق ما هو أسوأ من الحرق



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon