سليمان جودة
بدا الوزير سامح شكرى مثقلا بالمهام والملفات، وهو يقدم تقريرا خلال ساعات مضت إلى الرئيس، عن أوضاع معقدة فى المنطقة وتزداد تعقيدا فى كل صباح!
وعندما كان خالد بحاح، رئيس وزراء اليمن، فى القاهرة قبل يومين فإنه قال كلاما موجعا من نوعية أن ملف اليمن قد جرى اختطافه من أيدى العرب لصالح أطراف فى هذا الإقليم الذى نعيش فيه، وأن عاصفة الحزم التى انطلقت ضد الجماعة الحوثية فى أرض اليمن قد نشرت السرطان هناك ولم تستأصله!
وإذا كان لكلام بحاح من معنى، خصوصا فى الجزء الأخير منه، فهذا المعنى هو أن العاصفة لم تكن فى حاجة إلى مراجعة أمينة لعملها ومهمتها داخل الدولة اليمنية قدر حاجتها إلى ذلك وبشدة هذه الأيام.
أما لماذا هذه الأيام تحديدا فلأن ساعات ما كادت تمضى بعد كلام رئيس الوزراء اليمنى حتى كانت وفود الحوار حول الأزمة اليمنية فى جنيف قد عادت معلنة فشل الحوار، ثم ما كادت ساعات أخرى تمضى حتى كان وزير الخارجية السعودى، عادل الجبير، يعلن أن فشل جنيف يفتح الأمور فى اليمن على كل الخيارات دون أن يحدد واحدا منها.
وقد كنت على قناعة تامة منذ البداية بأن ما يجرى فى اليمن، منذ محاولات الجماعة الحوثية الاستيلاء عليه بالطريقة الغبية نفسها التى حاول بها الإخوان فى مصر، إنما هو قضية عربية مجردة، وأن الطريق إلى الحل لا يجوز أن يغادر هذا الإطار، لأنه إذا غادره فلن يكون ذلك إلا من أجل إضاعة الوقت وإضاعة القضية مع الوقت، ولابد أن فى عودة الوفود إلى جنيف دون شىء دليلا قويا على أن القضية هى قضية عربية بامتياز ولا بديل عن أن تظل عربية، ولا بديل أيضا عن أن نستعيدها من الأطراف التى اختطفتها، والتى أشار إليها بحاح فى كلامه، دون أن يسمها، رغم أنها معروفة!
ولأن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان أكثر حركة ونشاطا وإنجازا، على المستوى الخارجى، خلال العام الرئاسى الأول، منه على المستوى الداخلى، فهو مدعو بقوة إلى أن يضاعف من هذا كله، على مستوانا العربى بأن تكون القاهرة حاضرة هناك بفاعلية أكثر، وأن تكون هذه الفاعلية مسبوقة برؤية موضوعة، وواضحة، وذات أهداف وخطوط عريضة يراها كل ذى عينين.
وأتصور أن من بين أدواتنا فى هذا الاتجاه أن يكون للرئيس مبعوث خاص إلى اليمن، وسوريا، والعراق معا، وأن يجرى اختياره من بين عقولنا السياسية الراجحة، وأن يكون مثل هذا المبعوث متواجدا فى هذه المواقع الثلاثة، باستمرار، وطارحا الرؤية المصرية وحاملا لرسائل الرئاسة المصرية، والدولة المصرية بانتظام.
لا يجب أن ننتظر حتى يذهبوا باليمن إلى عاصمة أخرى، بخلاف جنيف، ولا يليق بموقع القاهرة فى إقليمها أن يقال من فوق أرضها، كعاصمة للعرب، إن طرفا أو أطرافا قد اختطفت قضية اليمن من أيدينا. لا يليق أبدا... ولتكن فكرة المبعوث الخاص بداية لأداء مختلف يقول إن قضايا العرب يحلها العرب.