توقيت القاهرة المحلي 12:02:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هذه الفتوى المفخخة!

  مصر اليوم -

هذه الفتوى المفخخة

سليمان جودة

مساء أمس الأول، لم يكن للناس حديث فى العاصمة البحرينية المنامة، إلا عن فتوى صدرت عن رجل دين إيرانى اسمه آية الله العظمى مكارم الشيرازى!

الفتوى كانت تنصح الناخبين فى البحرين، والشيعة منهم على وجه الخصوص طبعاً، بأن يخرجوا ليشاركوا فى انتخابات البرلمان، التى جرت أمس، والتى سوف تكون جولة الإعادة فيها يوم 29 من هذا الشهر.

والمشكلة لم تكن فى الفتوى فى حد ذاتها، رغم أنى أراها مشكلة بنفسها، ولكن المشكلة كانت فى السبب الذى رأى آية الله العظمى أن على الناخبين أن يذهبوا من أجله إلى صناديق الانتخاب!

فالسبب كما ذكره هو فى فتواه، وكما جاء فى الصفحات الأولى من الصحف اليومية الخمس، أن على الناخب ألا يقصر فى أداء حقه الانتخابى، لأن تصويته سوف يؤدى إلى «إعلاء كلمة الإسلام ومنع صدور القوانين المخالفة للشريعة فى البرلمان حين ينعقد»!

ليس هذا فقط، وإنما تمادى الرجل فى فتواه إلى حد القول بأن الاستجابة لدعوات المقاطعة التى كانت قد انطلقت قبل موعد الانتخابات، فيها خطر كبير على الإسلام وعلى المسلمين!!

ثم ذهب إلى أبعد مدى، فقال إنه «لا يجوز التصويت للشيوعيين وأمثالهم»!

فتوى من هذا النوع تظل فى تقديرى، من نوع الفتاوى المفخخة، التى يجب أن نحذرها جميعاً، وأن يتوقف عنها رجال الدين، سواء فى إيران أو عندنا نحن هنا فى الأزهر، أو فى غيره، لأن الانتخابات كعملية حين تتم، فإنها مسألة دنيوية مدنية بحتة، لا علاقة لها بالدين من قريب ولا من بعيد، وإذا كان للمواطن، سواء كان بحرينيا أو غير بحرينى أن يستمع لأحد فيها، فإن عليه أن يستمع لخبراء السياسة ورجالها، ومفكريها الذين يثق فيهم وحدهم، لا لأحد من رجال الدين، أياً كان حجمه، وأياً كانت مكانته!

فالصحيح أن على المواطن أن يذهب للإدلاء بصوته من أجل إعلاء كلمة الوطن، كوطن، كما أن عدم مبادرته بالإدلاء بصوته، فيه خطر على الوطن، والمواطنين، لا على الإسلام، ولا على المسلمين، كما قال آية الله الشيرازى!

المواطن يذهب إلى صناديق الانتخابات ليأتى بممثلين عنه، فى مجلس نوابه، يستطيعون أن يحاسبوا الحكومة، ويراقبوا أداءها، ويستطيعون أن يشرعوا القوانين التى تيسر حياة المواطنين، وتجعلها أكثر سهولة، وأكثر راحة، وأقل مشقة وتعقيداً.

وتلك مسائل لا يجوز إدخالها فى أمور الإسلام، ولا شؤون المسلمين بأى صورة، لأننا هنا نتكلم عن مواطن، نفترض فيه أن ولاءه الأعلى لوطنه الذى يعيش فيه، ولأرض وطنه التى يحيا عليها، ولبلده الذى يحمل جنسيته، بصرف النظر تماماً عن ديانته، أو دينه الذى يدين به.

إذ السؤال الذى سوف يطوف فى ذهن أى مواطن بحرينى- مثلاً- لا يدين بالإسلام سوف يكون كالتالى: ولماذا أذهب أنا، إذن، كمواطن غير مسلم، إذا كان المسلمون سوف يذهبون لإعلاء كلمة الإسلام؟!

إننى، مخلصاً، أخاطب كل مواطن، فى المنامة، أو فى أى عاصمة عربية، أن يسارع إلى أى انتخابات فى بلده، حين يأتى موعدها، لا ليرفع راية الإسلام كما نصح الشيرازى، وإنما ليحمى وطنه ويحفظ حدوده، وليدافع عن بلده، ويتمسك بكيانه، فالدين له ربه الذى خلق الكون، ثم إن له رجاله المخلصين، أما أوطاننا فليس لها إلا مواطنوها، كما أن وجود المواطن من وجود الوطن نفسه، ولا وجود لأيهما دون الآخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه الفتوى المفخخة هذه الفتوى المفخخة



GMT 03:52 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 03:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 03:31 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 03:27 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 03:24 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 03:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

GMT 03:07 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاري الشاعر

GMT 02:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا وسيناريو التقسيم

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 11:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
  مصر اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon