عاش الدكتور محمد شتا حتى رأى بلديات تونس تغربل رمال الشواطئ، لتظل ناعمة ونظيفة، فإذا جاءها سائح من آخر الدنيا، عاد إليها مرةً ثانية، وثالثة، وعاشرة.. ثم ذهب يحكى لغيره عما رآه!.
وهى فكرة معناها أن السائح لا يفضل بلداً على بلد لأسباب خفية، ولكنه يفضل شاطئاً على شاطئ آخر، لأنه يجد فى الأول ما يحب أن يجده، ولا يصادف الشىء نفسه فى الشاطئ الثانى!.
وليس فى الأمر معادلات صعبة.. ولا فيه كيميا!.
ويسألنى الدكتور شتا فى رسالته: كيف تدعو إلى تعليم السياحة فى المدارس، وهى عملية فى حاجة بطبيعتها إلى سنوات لتكون لها نتيجة على الأرض؟!
أقول إننى أعرف هذا، وأعرف أن الذين سبقونا فى السياحة، ممن لا يملكون نصف إمكاناتنا السياحية، جعلوا السياحة مادة من المواد المقررة فى المدارس، وأخذوا الطريق من أوله ليحصلوا على ما يجب أن يحصلوا عليه فى آخره!.
وإسبانيا التى نضرب بها المثل دائماً فى نجاح السياحة، فعلت هذا على وجه التحديد، وخاطب الجنرال فرانكو الإسبان بما معناه أنهم إذا كانوا يريدون السياح يتدفقون على البلد، فهناك وسائل كثيرة إلى هذه الغاية، غير أن أول وسيلة هى أن تكون السياحة إحدى المواد التى يدرسها كل طالب منذ الصغر!.
ولأنهم بدأوا من عند هذه النقطة، دون غيرها، فإنهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه سياحياً هذه الأيام.. وما كانوا ليصلوا إلى ما نعرفه عنهم لو أنهم لم يبدأوا من عند المدرسة!.
وإذا كانت المسألة هكذا، فسوف نجد أنفسنا أمام هذا السؤال: مَنْ سيعلم سائق الحنطور، وسائق التاكسى، وبائع البازار، الآن، وجميعهم لم يتعلموا شيئاً عن السياحة فى أى مدرسة؟!.
والإجابة هى فى شرطة سياحة قوية لا تتهاون مع واحد من هؤلاء جميعاً.. ولاتزال لبنان صاحبة تجربة ناجحة فى هذا الموضوع، فلقد كان السائح على أرضها دائم الشكوى من مطاردات السائق والبائع وغيرهما فى كل مكان، وكان كل سائق يعتبر أى سائح هدفاً لاستخراج ما يستطيع استخراجه من جيبه، وكذلك كل بائع، إلى أن قررت شرطة السياحة محاصرة الظاهرة والقضاء عليها!.
وقد نجحت بيروت فى ذلك إلى حد كبير!
وعندنا لايزال سائق التاكسى يجرى به فى الشارع، دون عداد، على غير ما تعرفه أى عاصمة فى العالم، وإذا كان فى السيارة عداد فهو دائماً لا يعمل، فإذا جاء سائح يطلب الانتقال من المطار إلى الفندق، باع فيه السائق.. واشترى!.
ولو جربنا سحب الرخصة من كل سائق يقود سيارته بلا عداد يعمل، فلن يكررها سائق آخر.. ولو سحبناها من كل سائق لا يرتدى زياً موحداً لابد من الالتزام به، فلن يفعلها واحد سواه!
وقد أعجبتنى جملة فى الرسالة تقول: جرّبوا إنفاذ القانون على كل سائق، وكل بائع، وفى كل مكان فى الشارع، دون استثناء أحد، وسوف تحصلون على أروع النتائج!
جرّبوا من أجل خاطر مصر.. فهى تستحق أن تجربوا ذلك من أجلها!.
نقلاً عن المصري اليوم القاهرية