بقلم - سليمان جودة
قال الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى، فى بيان صادر عن وزارته، إنها تستهدف تأهيل عشرين ألف كيلومتر من الترع، بتكلفة ٨٠ مليار جنيه، على مدى زمنى ينتهى فى منتصف ٢٠٢٤!.
والتأهيل الذى يتحدث عنه الوزير هو تبطين الترع بالأسمنت، حتى لا تتسرب كميات من المياه الجارية فيها فى باطن الأرض.. وقد أهلت الوزارة عددًا من الترع رأيناها بالفعل، وتابعنا كيف أساء بعض الأهالى التعامل مع المساحات المبطنة!.
ولا أجد شيئًا إزاء هذا البيان الصادر عن الوزارة، سوى أن أعيد تذكير الدكتور عبدالعاطى بما كنت قد علقت به على موضوع التبطين كله عند بدايته.. فهناك بديل أوفر فى الإنفاق على الموضوع، وأوفر أيضًا فى كميات المياه المسربة التى نحن أحوج ما نكون إلى كل قطرة فيها.. وهذا البديل هو نقل الماء فى الترع بالمواسير ذات القطر الكبير، بدلًا من نقلها بالمسار المبطن!.
إن التبطين إذا وفر المياه المتسربة لن يوفر المياه المتبخرة، وفى حالة النقل بالمواسير سوف نوفر الشيئين، وفوقهما إنفاق عام أقل على المشروع.. وحتى لو كان حجم الإنفاق أكبر قليلًا فى حالة المواسير، فتوفير المياه المتبخرة أمر يستحق الإنفاق عليه!.
وما أذكره هنا أن الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، كان عند بدء تسلمه مهام ولاية العهد، قد اعتمد مبدأً مهمًا للغاية فى اقتصاد بلاده.. وكان هذا المبدأ هو «كفاءة الإنفاق»، وكان معناه أن الدولة إذا كانت ستنفق على مشروع معين مليون جنيه مثلًا، ففى إمكانها أن تنفق المليون جنيه نفسها دون زيادة، ولكن بطريقة مبتكرة، لتحقيق نتائج أفضل مما لو أنفقتها هى نفسها بطريقة تقليدية!.
هذا المبدأ تحتاجه وزارة الرى فى مشروعها أكثر مما تحتاج أى شىء آخر، لأننا نتكلم عن بلد دخل مرحلة الفقر المائى كما قال رئيس الوزراء قبل ثلاثة أيام، وبالتالى فنحن فى أشد الحاجة إلى توظيف ما لدينا من الثروة المائية التوظيف الأمثل بالمعنى الحرفى للكلمة، ولأننا فى الوقت ذاته نتكلم عن ٨٠ مليار جنيه ميزانية للمشروع، يعنى رقم ٨ وأمامه عشرة أصفار!.
يا دكتور عبدالعاطى.. الموضوع يستحق اهتمامك، ويستحق أولوية فى الاهتمام، ويستحق أن تطلب الرأى فيه من خبراء متخصصين، أمناء مع أنفسهم ومع البلد.. ثم يستحق أن نسمع منك ما يقول به الخبراء!.