بقلم - سليمان جودة
اختار الموسيقار عمر خيرت مدخلًا مختلفًا إلى سيرته الذاتية التى صدرت فى كتاب عنوانه «المتمرد» عن دار نهضة مصر، وحررها الأستاذ محمد الشماع!.
وكان الطريف فى التقرير حديثه عن أن متوسط عُمر الإنسان فى ذلك الوقت يظل فى حدود ٦٠ سنة، وأن قلب الإنسان الذى يعيش هذا العدد من السنين يدق مليارًا و٧١٧ مليون دقة!.. وبالطبع، فإن قلب الوليد عمر خيرت دق للمرة الأولى فى يوم نشر التقرير!.
المدخل المختلف أن صاحب السيرة بحث فى التاريخ القريب عما حدث يوم ميلاده الذى يوافق ١١ نوفمبر ١٩٤٨، وقد اكتشف أن أشياء كثيرة حدثت فى ذلك اليوم، وكان أهمها أن جامعة هارڤارد الأمريكية نشرت تقريرًا طريفًا عن متوسط عُمر الإنسان!.
والطريف أيضًا أن الجد محمود خيرت لما أنجب أربعة أبناء، أطلق عليهم أسماء الخلفاء الراشدين الأربع: أبو بكر، وعمر، وعثمان، ثم على والد عمر.. وقد ذهب العم أبو بكر خيرت يدرس الموسيقى فى باريس، وعاد بعدها ليؤسس مع الدكتور ثروت عكاشة أكاديمية الفنون ومعهد الكونسرفتوار، ويطور آلة القانون كما لم يطورها أحد، إلى حد أن البعض سماها: قانون خيرت!.
عاش عمر خيرت متمردًا على أى دراسة، إلا أن تكون دراسة للموسيقى، وكان أبوه كلما جلس يشرح له درس الحساب، اكتشف أن جسد ابنه معه، بينما عقله وقلبه مع الفن، فأخذ أوراقه وقدمها إلى المعهد الذى أسسه
العم أبو بكر!.
وكان رهان عمر خيرت منذ البداية على أنه سيجعل الناس يسمعون الموسيقى الخالصة، لا الأغنية.. وحين نجح فى ذلك من خلال ألبوماته قال بين نفسه ولا يزال يقول، إن هذا بالضبط ما كان العم يريده ويسعى إليه وهو يؤسس المعهد العريق!.
نشأ الموسيقار الكبير فى منطقة السيدة زينب، وغادرها فى السادسة، ولا يزال يحن إليها ويذكر أيامه بها، ولأن هذه المنطقة شعبية تمتلئ بمظاهر الحياه، فإن الذى نشأ فيها لا يجد نفسه إلا بين الناس، وهذا ما لا يزال عمر خيرت يجده كلما أطل بموسيقاه على الجمهور.. وإذا كان قول الحق لم يترك لكثيرين صديقًا، فإن عشق الموسيقى لم يترك له زوجة!!.. لقد عاش يتمنى لو أن كل زوجة ارتبط بها تتفهم مساحة الموسيقى فى حياته، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وقد أصبح لا يجد غير ألحانه تؤنسه فى كل الأوقات!.