بقلم-سليمان جودة
فى لقاء مع المهندس شريف إسماعيل، على هامش حفل إطلاق مبادرة «نور حياة» فى العاصمة الإدارية، أبلغنى أن رداً سوف يأتينى من مكتبه خلال أيام!.
فالمهندس إسماعيل يترأس اللجنة العليا لاسترداد أراضى الدولة، ممن استولوا عليها دون وجه حق، أو أقاموا فوقها المبانى دون سند من قانون.. وفى ملف الأرض عموماً، كنت قد كتبت فى هذا المكان أدعو إلى أن يكون التعامل مختلفاً بين شخص استولى على أرض للدولة، وبين فلاح بنى بيتاً على قطعة من أرض زراعية يملكها فى قريته.. فالأول يفعل ما يفعله احتيالاً، ولكن الفلاح يبنى اضطراراً.. فهو أحرص الناس على الأرض، وأكثرهم إدراكاً لقيمتها، ولو استطاع زراعة الطريق الذى يمشى عليه لفعل!.
ومما فهمته من المهندس شريف، خلال اللقاء العابر، أن حالة مثل هذا الفلاح وغيره لا تتبعه ولا تتبع لجنته العليا، وأن الرد الذى أرسله مكتبه يقول هذا باختصار، ويشرح الفارق بين اختصاص اللجنة واختصاصات أخرى تدخل فى نطاق مسؤولية وزارة الزراعة!.
ولذلك.. فالحديث الذى توجهت به إلى المهندس إسماعيل من قبل، أتوجه به اليوم إلى الدكتور عزالدين أبوستيت وزير الزراعة، فهو الذى عليه أن يشير على الدولة بما يجب عمله فى موضوع البناء فوق الأراضى الزراعية، وهو الذى عليه أن يضع أمام الدولة ما يجب أن تفعله فى ضوء حقيقة تقول إن الأرض الرملية التى جرى ويجرى استصلاحها تستهلك من الماء أقل، وتعطى من الإنتاجية أكثر!.
وقد عشنا نفهم العكس بالنسبة للأرض الطينية السوداء فى محافظات الدلتا كلها، وفى محافطات وادى النيل على امتداده من أسوان إلى الإسكندرية!.
وإذا كانت الحكومة مشغولة منذ فترة بالتجهيز للأخذ بوسائل الرى الحديث، فالمنطقى أن يكون التوجه نحو الأرض الرملية لا الطينية.. والمنطقى أن يكون هذا التوجه محسوباً بالورقة والقلم، وأن يكون الحساب فيه قائماً على أساس التخطيط لإضافة مساحة من الأرض المستصلحة فى كل سنة، تزيد على المساحات المقتطعة فى أغراض البناء فى الريف، أو تساويها على الأقل!.
وسوف يكون هذا متاحاً لو أننا مددنا كردون البناء فى القرية كل فترة، بما يواجه حاجة الناس هناك إلى بناء بيوت جديدة، ولو أننا أيضاً فرضنا رسماً على كل بيت جديد، ثم ذهبنا بعائد الرسوم فى مجمله إلى الإنفاق على الاستصلاح فى الأرض الرملية.. وسوف نكون عند ذلك قد حققنا عدة أهداف فى وقت واحد.. سوف نكون قد استجبنا للحاجة الطبيعية إلى البناء فى الريف، وسوف نكون قد وفرنا قدراً من الماء الذى يروى الأرض الطينية، وسوف نكون قد حصلنا على إنتاجية أعلى فى الأرض الرملية!.
دبرنا يا دكتور أبوستيت!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع