بقلم - سليمان جودة
إذا اجتمع اثنان هذه الأيام، فثالثهما الشكوى من الضريبة العقارية التى صارت هماً فى كل بيت، وأضافت وجعاً مادياً جديداً إلى أوجاع كل أسرة.. ومن حجم الرسائل والاتصالات التى جاءتنى يتبين أن الموضوع أصبح مؤرقاً لكل مواطن!.
ففى رسالة من الدكتور عمرو قيس، الأستاذ بالجامعة الأمريكية، ينبه القائمين على أمر تحصيل الضريبة إلى أن المواطن قد يملك بيتاً يزيد سعره بكثير على حد الإعفاء، الذى يصل إلى ٢ مليون جنيه، ثم لا يستطيع سداد ضريبته المستحقة!.. فمن الجائز جداً أن يكون البيت لرجل على المعاش، لم يخرج من الدنيا سوى ببيته الذى لا يملك غيره مع معاشه القليل، أو يكون لأرملة ورثت مثل هذا البيت.. وفى الحالتين لا دخل لدى المالك يسدد منه الضريبة، وإذا سدد من المعاش، فمن أين سوف يعيش؟!.
هذه حالة يعرفها الدكتور عمرو، وهناك بالتأكيد حالات كثيرة مُطابقة أو مشابهة لها.. فهل يبيع المالك، عندئذ، بيته ليسدد ضريبته؟!.
وفى رسالة من الدكتور عبدالغنى الإمام، الأستاذ المتقاعد بالجامعة الأمريكية، يلفت النظر إلى أن الطريقة الحالية لتقييم وسداد الضريبة تفتح أبواباً للفساد بلا حدود، لأن مساومات من النوع الذى نعرفه قد تجرى بين المندوبين المكلفين من جانب المصلحة بتقييم قيمة الوحدة السكنية، وبين مُلاك الوحدات حول قيمة المُطالبة المستحقة، فينتهى الأمر بتخفيض القيمة فى مقابل مبلغ تحت الترابيزة!.
وفى رسالة من الدكتور نادر نور الدين، يتساءل حول مدى قانونية فرض ضريبة دون مرورها على البرلمان، وكذلك حول مدى قانونية تحصيلها بأثر رجعى!.. كيف فات ذلك على الحكومة؟!.. كيف؟!.. وإذا كان الرد هو أن «العقارية» هى نفسها ما كان يُعرف زمان بالعوايد، فهذه مغالطة كبرى، لأن الفارق بين العوايد والضريبة العقارية من حيث المطلوب سداده فى الحالتين، هو كالفارق بين السماء والأرض!.
هذه رسائل ثلاث من بين كثير.. وإذا كانت الحكومة قد قررت، فى اجتماعها أمس الأول، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، مد حصر العقارات عامين، فإننى أدعو الدكتور مصطفى إلى اتخاذ قرار آخر بوقف التحصيل عامين أيضاً.. والهدف إعطاء الدولة فسحة من الوقت تستطيع خلالها وضع مبادئ عادلة لهذه الضريبة.. مبادئ يظل المبدأ الأول فيها أن المنزل الخاص لا يتربح من ورائه صاحبه، وأن فرض ضريبة عليه ظلم كبير.. وفى الفقه قاعدة شهيرة تقول «إن الله تعالى لا يُديم الدولة الظالمة، ولو كانت مسلمة، ويُديم الدولة العادلة، ولو كانت كافرة»!.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع