توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للقارة السمراء حصة في أصيلة

  مصر اليوم -

للقارة السمراء حصة في أصيلة

بقلم - سليمان جودة

 

يأبى منتدى أصيلة الثقافي الدولي إلا أن ينتصر للقارة السمراء، فلا يمر موسم من مواسمه إلا وتكون لأفريقيا فيه حصة معلومة.

والحصة المعلومة ليست في كل موسم جديد وفقط، ولكنها أيضاً في أرض مدينة أصيلة التي تنام على كتف الأطلنطي حالمةً في وداعةٍ وهدوء. والقصة أنك إذا كنت في أصيلة سوف تمر في طريقك إلى الجزء التاريخي من المدينة على حديقة صغيرة تقع إلى اليسار من المدخل، فإذا اقتربتَ من باب الحديقة تَبين لك أنها تحمل اسم الشاعر الكونغولي تشكايا أوتامسي، فإذا اقتربت أكثر من اللافتة التي تحمل اسمه فسوف تطالع أشعاراً له منقوشة على لوحة رخامية، ومنها هذه الكلمات: الليل آتٍ... روحي متأهبة تماماً.

هذا عن حصة الأرض، فماذا عن الحصة الأخرى في مناقشات موسم هذه السنة الذي يلملم أوراقه هذا النهار، ويطوي صفحته الرابعة والأربعين، ويمنح وعداً للقارة السمراء ومعها عواصم العرب بأن تكون القضايا العربية والأفريقية حاضرة فيه فلا تغيب؟

جرت الحصة الأخرى في فضاء الموسم على خطين؛ أحدهما راح يتطلع إلى منطقة الصحراء الكبرى التي تمتد من شرق القارة السمراء إلى غربها، ثم يتساءل عن الطريقة التي يمكن أن تنتقل بها هذه المنطقة من مربع التفكك الذي يوشك أن يضرب بعض دولها إلى أفق السلام الدائم، ومن الانهيار الذي يُخيّم كأنه الكابوس على البعض الآخر من دولها، إلى الإقلاع نحو عملية تنموية تنتظرها الصحراء الكبرى وتحتاج إليها؟

والخط الثاني يستوقفه هذا التفاعل الحاصل بين أفريقيا والغرب هذه الأيام، ويدعو إلى أن تغادر العلاقة بينهما ما كان في الموروث إلى ما يمكن في المأمول.

وحتى تكون المعاني محددة أمامنا، فلا نتحدث عن شيء وينصرف ذهن القارئ أو السامع إلى شيء آخر، فإن طرح المنتدى الموضوع يميز في الصحراء الكبرى بين مجالات إقليمية ثلاثة: الصحراء الشمالية الممتدة من غرب النيل وجنوب البحر المتوسط في مصر وليبيا والسودان، والصحراء الساحلية الممتدة من موريتانيا إلى دارفور، وصحراء الشرق الأفريقي الممتدة من الصومال إلى جنوب البحر الأحمر عبر جيبوتي.

والغرب الذي يعنيه المنتدى وهو يتعرض للشأن الأفريقي قسمان: قسم يضم الولايات المتحدة وكندا في أميركا الشمالية، وقسم يضم الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في القارة العجوز.

ولأن هذا هو تصور الموسم الرابع والأربعين الذي صار من الماضي أو كاد، فربما يكون الموسم الخامس والأربعون في حاجة حين يأتي أوانه، إلى أن يبحث في العلاقة بين أفريقيا والعالم على مستوى آخر، لأن علاقتها بالغرب قد تكون مهمة لأسباب كثيرة، ولكن علاقتها بالروس والصينيين ليست أقل أهمية، بل قد تكون أهم، فالصين كانت أسبق من الغرب إلى قارتنا، ولأن الروس كانوا أسبق أيضاً في التفتيش عن مناطق نفوذ وسطوة في أفريقيا.

الغرب أقدم في القارة السمراء إذا ما قسنا الأمور على ما جرى في العصور القديمة، ولكنه عندما عاد إليها في أيامه المعاصرة وجد الصين جالسة هناك تنتظره، وصادف الروس في سبيله وهُم يسارعون إلى حجز مقعد إلى جوار الصينيين.

وعندما وقع انقلاب النيجر على سبيل المثال في صيف هذه السنة، كانت المفارقة أن حضور الروس لدى نظام الحكم الجديد بدا أقوى من الحضور الفرنسي بكثير، وكان الذين يخرجون في الشوارع النيجرية لتأييد النظام الجديد يرفعون أعلامهم الوطنية ومعها الأعلام الروسية.

ولم يجد الفرنسيون مفراً، ليس فقط من سحب قواتهم الموجودة في العاصمة نيامي، ولكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى سحب السفير مع القوات، وشهد خروج السفير نوعاً من الدراما السياسية غير المسبوقة، لأن السلطات الجديدة أعلنته شخصاً غير مرغوب فيه وطلبت منه أن يغادر، فلما رفض المغادرة أسقطت عنه الحصانة الدبلوماسية وكلّفت الشرطة بطرده خارج البلاد.

ولم يكن المشهد يخلو من هزيمة غربية نسبية في أفريقيا، بقدر ما كان تعبيراً عن هزيمة فرنسية تجرعتها فرنسا كأنها تتجرع كأساً من السُّم، ولو اقتصرت المسألة على النيجر وتوقفت عند حدودها لهان الأمر على الفرنسيين ومِن ورائهم الغربيون، ولكنّ حكومة إيمانويل ماكرون كانت من قبل قد واجهت في مالي وبوركينا فاسو بعضاً مما واجهته في النيجر.

وقد بدت الصورة كأن عملية من عمليات الإزاحة تتم في أفريقيا، لأن فرنسا كانت كلما غادرت موقعاً من مواقعها التقليدية في القارة اكتشفت أن موسكو تملأه وتتربع فيه، وكان الروس كأنهم يخفّفون الضغط على الجبهة الأوكرانية، وكانوا يفعلون ذلك بفتح جبهة أفريقية في الصراع مع الغرب، وكانت القارة السمراء ولا تزال هي الميدان المفتوح لهذه الجبهة الثانية!

المغرب يحرص على محيطه العربي بالدرجة التي يقبض بها على امتداده في أفريقيا، وليس الحضور الأفريقي المتجدد في منتدى أصيلة سوى مرآة يتجلى فيها هذا الحرص على قدر ما هو ممكن ومتاح، ولا تزال في علاقة القارة بالعالم المتصارع عليها حلقات سوف تأتي، وفيها لن يكون الغرب بمعناه المشار إليه وحيداً يصارع أفريقيا وتصارعه، ولكنه سيكون مصارعاً بين مصارعين.

لم تحضر القارة السمراء في منتدى أصيلة، إلا لأن تجليات الحضور الغربي فيها كانت ولا تزال متنوعة، ولكن الحضور الغربي يقع ضمن نطاق نفوذ دولي أوسع يضم الروس والصينيين مع الغرب فوق أرض أفريقية واحدة، وربما يجد المنتدى أنه مدعوٌّ في موسمه الجديد إلى أن ينطر في هذا ويتداركه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للقارة السمراء حصة في أصيلة للقارة السمراء حصة في أصيلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon