توقيت القاهرة المحلي 22:38:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

  مصر اليوم -

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

بقلم - سليمان جودة

رغم أن ستة أشهر كاملة قد انقضت من بعد إطلاق «طوفان الأقصى» الذي قادته «كتائب عز الدين القسام» على المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة، ورغم أن الحرب التي أطلقتها إسرائيل على القطاع بسبب الطوفان قد دخلت شهرها السابع، فإن «طوفان الأقصى» في حد ذاته لا يزال محل خلاف بين مؤيد له وبين معترض عليه.

فهناك من يرى أنَّ الطوفان قد أعاد إحياء قضية فلسطين وجعلها في الصدارة بين الأولويات لدى الساسة في عواصم العالم الكبرى. وهناك في المقابل من يرى أن إثم الطوفان أكبر من نفعه، وأنه قد أعطى إسرائيل الفرصة لتدمير غزة، وقتل أهلها، كما لم تفعل من قبل على طول عمر القضية.

ولو أنت تتبعت وجهتَي النظر فسوف تجد أن كل وجهة نظر منهما لا تخلو من وجاهة، وأن صاحب كل وجهة من الوجهتين لديه ما يبرر اعتقاده ويسنده. ولكنك لو توقفت أمام التصويت الأخير للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، حول منح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة، ستجد نفسك ميالاً إلى وجهة النظر الأولى.

وليس سراً أن عدد الدول الأعضاء في الجمعية 193 دولة، وأن عضويتها تختلف كلياً عن العضوية في مجلس الأمن الذي يضم في عضويته 15 دولة، من بينها خمس دول دائمة العضوية، وعشر دول تكتسب العضوية لعامين اثنين، ثم تأتي عشر دول أخرى في مكانها. ومن قبل، كان المجلس قد انعقد في 18 أبريل (نيسان) للتصويت على منح العضوية الكاملة لفلسطين، إلا أن الولايات المتحدة بادرت إلى إشهار سلاح «الڤيتو» فأفسدت التصويت!

فلما انعقدت الجمعية العامة كانت المفاجأة أن 143 دولة أيدت منح فلسطين العضوية الكاملة، بينما اعترضت تسع دول، وامتنعت 25 دولة عن التصويت. وهذه مفاجأة لا شك؛ لأنه لم يسبق أن حازت قضية فلسطين هذا العدد من الأصوات في مسألة العضوية الكاملة.

صحيح أن التصويت في مثل هذه الحالة رمزي أكثر من كونه تصويتاً ذا أثر على الأرض، ولكنه في وجه من الوجوه دليل على أن الطوفان قد نبه العالم إلى أنه مسؤول عن الوصول إلى حل في قضية سوف تظل تؤرقه، اسمها قضية فلسطين، وأن كل المسكنات والمهدئات التي دأب على علاج القضية بها لم تعد مجدية، ولن تكون مجدية في أي يوم، من هنا إلى أن تعي عواصم الأرض الكبرى هذا المعنى وتفهمه.

إنَّ ثلاثة أرباع العالم حشدت وراء منح فلسطين العضوية الكاملة، ولم يكن هذا ممكناً في مرحلة ما قبل الطوفان.

إنني أكاد أسمع أصواتاً تعترض وتقول إن علينا ألا ننسى أن الثمن كان -حتى الآن- ما يقرب من 40 ألفاً من الشهداء في القطاع، وإلى جوارهم ضعف هذا العدد تقريباً من المصابين، وهذا صحيح لا جدال فيه، ولكن منذ متى كانت القضايا من حجم قضية فلسطين تمضي إلى حلها العادل بغير ثمن فادح، وبغير تضحيات مؤلمة ومدفوعة مقدماً؟

إننا جميعاً نعرف من روايات التاريخ أن الجزائر دفعت مليوناً من الشهداء لطرد المحتل، وهناك روايات تقول إن العدد أكبر من ذلك، وسواء كان العدد مليوناً أو أكثر، فالثمن كان شديد الفداحة، ولكنه كان لا بد منه لقطع دابر المحتل.

وهكذا الحال مع كل دولة أخرى خضعت للاحتلال، ثم كان عليها أن تطرده وأن تنال استقلالها، لا لشيء، إلا لأنه لا يوجد طريق آخر.

يقال عن فلسطين دائماً إنها آخر أرض محتلة على وجه الأرض، وهذا صحيح، فلقد رحل الاحتلال من كل أرض إلا أرض فلسطين، وربما لهذا السبب يتشبث بها المحتل ويتمسك؛ لأنه لن يكون له وجود بعدها، ولهذا أيضاً تتعاظم التضحيات ويتصاعد عدد الذين دفعوا حياتهم ثمناً، فلم يحدث أن تحررت أرض دون ثمن.

طوفان الطبيعة لا يخلو من فوائد، وقد كان طوفان نوح -عليه السلام- أكبر طوفانات الطبيعة التي جرفت كل شيء في طريقها، وكذلك لا تخلو طوفانات السياسة من فوائد، وهذا ما نرصده في «طوفان الأقصى» إذا ما تطلعنا إليه في التقييم الأخير بالمعنى المشار إليه، ومع ما بين طوفان الطبيعة وطوفان السياسة من مسافة مفهومة بالضرورة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة



GMT 02:27 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

سر القادة: ديغول وبيتان

GMT 03:21 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

أن تكون رئيسًا للتحرير

GMT 03:19 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

9 يونيو.. الاستثناء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

أسرق.. وبعدين أتصالح!!

GMT 04:20 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

النسخةُ الأجملُ.. منك!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon