توقيت القاهرة المحلي 22:53:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

  مصر اليوم -

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

بقلم - سليمان جودة

رغم أن ستة أشهر كاملة قد انقضت من بعد إطلاق «طوفان الأقصى» الذي قادته «كتائب عز الدين القسام» على المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة، ورغم أن الحرب التي أطلقتها إسرائيل على القطاع بسبب الطوفان قد دخلت شهرها السابع، فإن «طوفان الأقصى» في حد ذاته لا يزال محل خلاف بين مؤيد له وبين معترض عليه.

فهناك من يرى أنَّ الطوفان قد أعاد إحياء قضية فلسطين وجعلها في الصدارة بين الأولويات لدى الساسة في عواصم العالم الكبرى. وهناك في المقابل من يرى أن إثم الطوفان أكبر من نفعه، وأنه قد أعطى إسرائيل الفرصة لتدمير غزة، وقتل أهلها، كما لم تفعل من قبل على طول عمر القضية.

ولو أنت تتبعت وجهتَي النظر فسوف تجد أن كل وجهة نظر منهما لا تخلو من وجاهة، وأن صاحب كل وجهة من الوجهتين لديه ما يبرر اعتقاده ويسنده. ولكنك لو توقفت أمام التصويت الأخير للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، حول منح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة، ستجد نفسك ميالاً إلى وجهة النظر الأولى.

وليس سراً أن عدد الدول الأعضاء في الجمعية 193 دولة، وأن عضويتها تختلف كلياً عن العضوية في مجلس الأمن الذي يضم في عضويته 15 دولة، من بينها خمس دول دائمة العضوية، وعشر دول تكتسب العضوية لعامين اثنين، ثم تأتي عشر دول أخرى في مكانها. ومن قبل، كان المجلس قد انعقد في 18 أبريل (نيسان) للتصويت على منح العضوية الكاملة لفلسطين، إلا أن الولايات المتحدة بادرت إلى إشهار سلاح «الڤيتو» فأفسدت التصويت!

فلما انعقدت الجمعية العامة كانت المفاجأة أن 143 دولة أيدت منح فلسطين العضوية الكاملة، بينما اعترضت تسع دول، وامتنعت 25 دولة عن التصويت. وهذه مفاجأة لا شك؛ لأنه لم يسبق أن حازت قضية فلسطين هذا العدد من الأصوات في مسألة العضوية الكاملة.

صحيح أن التصويت في مثل هذه الحالة رمزي أكثر من كونه تصويتاً ذا أثر على الأرض، ولكنه في وجه من الوجوه دليل على أن الطوفان قد نبه العالم إلى أنه مسؤول عن الوصول إلى حل في قضية سوف تظل تؤرقه، اسمها قضية فلسطين، وأن كل المسكنات والمهدئات التي دأب على علاج القضية بها لم تعد مجدية، ولن تكون مجدية في أي يوم، من هنا إلى أن تعي عواصم الأرض الكبرى هذا المعنى وتفهمه.

إنَّ ثلاثة أرباع العالم حشدت وراء منح فلسطين العضوية الكاملة، ولم يكن هذا ممكناً في مرحلة ما قبل الطوفان.

إنني أكاد أسمع أصواتاً تعترض وتقول إن علينا ألا ننسى أن الثمن كان -حتى الآن- ما يقرب من 40 ألفاً من الشهداء في القطاع، وإلى جوارهم ضعف هذا العدد تقريباً من المصابين، وهذا صحيح لا جدال فيه، ولكن منذ متى كانت القضايا من حجم قضية فلسطين تمضي إلى حلها العادل بغير ثمن فادح، وبغير تضحيات مؤلمة ومدفوعة مقدماً؟

إننا جميعاً نعرف من روايات التاريخ أن الجزائر دفعت مليوناً من الشهداء لطرد المحتل، وهناك روايات تقول إن العدد أكبر من ذلك، وسواء كان العدد مليوناً أو أكثر، فالثمن كان شديد الفداحة، ولكنه كان لا بد منه لقطع دابر المحتل.

وهكذا الحال مع كل دولة أخرى خضعت للاحتلال، ثم كان عليها أن تطرده وأن تنال استقلالها، لا لشيء، إلا لأنه لا يوجد طريق آخر.

يقال عن فلسطين دائماً إنها آخر أرض محتلة على وجه الأرض، وهذا صحيح، فلقد رحل الاحتلال من كل أرض إلا أرض فلسطين، وربما لهذا السبب يتشبث بها المحتل ويتمسك؛ لأنه لن يكون له وجود بعدها، ولهذا أيضاً تتعاظم التضحيات ويتصاعد عدد الذين دفعوا حياتهم ثمناً، فلم يحدث أن تحررت أرض دون ثمن.

طوفان الطبيعة لا يخلو من فوائد، وقد كان طوفان نوح -عليه السلام- أكبر طوفانات الطبيعة التي جرفت كل شيء في طريقها، وكذلك لا تخلو طوفانات السياسة من فوائد، وهذا ما نرصده في «طوفان الأقصى» إذا ما تطلعنا إليه في التقييم الأخير بالمعنى المشار إليه، ومع ما بين طوفان الطبيعة وطوفان السياسة من مسافة مفهومة بالضرورة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة



GMT 02:27 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

سر القادة: ديغول وبيتان

GMT 03:21 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

أن تكون رئيسًا للتحرير

GMT 03:19 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

9 يونيو.. الاستثناء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

أسرق.. وبعدين أتصالح!!

GMT 04:20 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

النسخةُ الأجملُ.. منك!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 21:23 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار
  مصر اليوم - السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 07:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل
  مصر اليوم - نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل

GMT 21:27 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح خارج سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب أفريقي

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 06:22 2024 الجمعة ,09 آب / أغسطس

عمرو أديب يحذر من فيلم سبايدر مان الجديد

GMT 11:18 2019 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

اهمية تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر

GMT 22:37 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 00:36 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

برشلونة يقسو على إشبيلية وميسي يُسجِّل في الوقت الضائع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon