توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تضييع وقت.. وماء!

  مصر اليوم -

تضييع وقت وماء

بقلم سليمان جودة

تقول وزارة الخارجية إنها مطمئنة إلى التزام إثيوبيا باتفاق إعلان المبادئ، الذى جرى توقيعه بيننا وبينها، ومعنا السودان، فى مارس قبل الماضى، وأقول إنى لست مطمئناً، وأظن أن هذا هو شعور مصريين كثيرين غيرى!

والقصة مع اطمئنان الخارجية بدأت صباح الجمعة الماضى، عندما نشرت «الشرق الأوسط»، التى تصدر فى لندن، حواراً مع وزير الإعلام الإثيوبى، قال فيه العبارة التالية: «إذا كان هناك من سيرى بعد انتهاء دراسات سد النهضة أنه سوف يتضرر فى ماء النيل، فهذه ليست مشكلتنا فى إثيوبيا!».

قرأت العبارة فى يوم نشرها، وشعرت بضيق شديد، وفكرت فى أن أعبر وقتها عن ضيقى فى هذا المكان، لولا أنى فضلت عن تجارب سابقة أن أنتظر!

بعدها بثلاثة أيام، عادت «الشرق الأوسط» لتنشر كلاماً على لسان المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث باسم الخارجية، يقول فيه إن الوزارة اهتمت بالأمر جداً، بمجرد خروج الحوار مع الوزير إلى النور، وإنها تواصلت معه، وإنها حصلت من إثيوبيا على تطمينات، وإن الوزير قال للسفارة المصرية فى بلاده، تعقيباً على ما جاء فى حواره، إنهم ملتزمون باتفاق إعلان المبادئ!

وحقيقة الأمر أن ما حدث مع حوار وزير الإعلام تكرر من قبل مراراً مع مسؤولين إثيوبيين آخرين، وكانوا فى كل مرة، شأن الوزير بالضبط، يقولون الكلام، ثم يقولون عكسه بعد صدوره عنهم، إذا ما أثار مشكلة مع مصر!

ولو عاد أحد إلى ما كتبته فى هذا المكان، يوم توقيع اتفاق إعلان المبادئ، فسيكتشف أنى قلت إن بنود الإعلان فى حد ذاتها لا تبعث على الاطمئنان، من حيث صياغتها، لأنها لا تلزم الجانب الإثيوبى بشىء إزاءنا.

وأذكر تماماً أنى كتبت قبل التوقيع بـ24 ساعة، أطالب الرئيس، ليس بعدم التوقيع، وإنما بتأجيله ساعات، حتى يتم ضبط الصياغات فى الاتفاق، وحتى يتضمن بنداً واحداً يقول ما يلى باختصار، ووضوح: تعلن إثيوبيا التزامها بعدم الإضرار بمتر مكعب واحد من حصة مصر التاريخية والثابتة فى ماء النيل، والتى تبلغ 55 مليار متر مكعب سنوياً.

عبارة كهذه، لو جاءت فى صلب الاتفاق لكانت كافية لطمأنة أطراف الاتفاق الثلاثة عموماً، وطمأنة مصر خصوصاً، ولم نكن فى حاجة بعدها إلى كل هذا الجدل الذى لا يتوقف إلا ليبدأ من جديد!

وإذا شئت أن أكون أكثر دقة، فى كلامى عن اطمئنان الخارجية، المعلن على لسان المستشار أبوزيد، فسأقول إن اطمئنانى ينقصه الكثير، وإنه اطمئنان شفهى، إذا جاز التعبير، كاطمئنان الخارجية بالضبط فى حقيقته، لا لشىء، إلا لأن الدول لا تطمئن بعضها البعض، فى مثل هذه الحالات، بكلام شفهى، وإنما بكلام مكتوب يحمل إمضاءات المسؤولين الذين يعنيهم الأمر.

السادات، يرحمه الله، عندما طلب من إسرائيل أن تعيد إلينا أرضنا، راح يقرن مطلبه منها باتفاقية تم التوقيع عليها أمام العالم، عام 1978، وكانت تل أبيب تلتزم فيها، كتابة لا شفاهية، بإعادة أرض مصر المحتلة إليها، متراً متراً، وهو ما حدث على مرتين، واحدة منهما فى 25 إبريل 1982، والثانية فى مارس 1989، التى عادت فيها طابا إلى سيناء، ولم تفلح محاولات إسرائيل فى استبقاء طابا عندها، لأن الاتفاقية «المكتوبة» بيننا وبينها، كانت ترغمها على ألا يبقى عندها متر واحد من أرضنا.

كل كلام عن دراسات سد النهضة هو فى تقديرى تضييع وقت وتضييع ماء، وهو جهد لا طائل وراءه، وإذا شئنا شيئاً عملياً، وجاداً، فى هذه اللحظة، فليكن هذا الشىء هو إضافة بند إلى اتفاق إعلان المبادئ، يقال فيه المعنى الذى أشرت إليه، بوضوح لا يحتمل أى لبس، وماعدا ذلك لن ينتج فى الدعوى كما يقول أهل القانون!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تضييع وقت وماء تضييع وقت وماء



GMT 22:03 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

روى السادات لأنيس

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:58 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

يكسب دائمًا

GMT 11:58 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

رأس الجبل العائم

GMT 08:05 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

مشهد لا يتسق مع تاريخ فرنسا القريب

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon