بقلم - سليمان جودة
يلفت الانتباه أن الحكومة المغربية وافقت مؤخرا على مشروع قانون يحصل الأب بمقتضاه على إجازة ١٥ يوما إذا رزقه الله بطفل!.. وفى مرحلة لاحقة سوف ينتقل مشروع القانون إلى البرلمان ليتحول إلى قانون مكتمل الأركان يشق طريقه فى حياة الناس!.
وقد تعددت المسميات التى يحملها مشروع القانون المغربى الفريد من نوعه.. فهناك من يسميه: عطلة الأب.. وهناك من يقول عنه إنه: عطلة الأبوة.. وقد يأتى فى المستقبل من يسميه: عطلة الأسرة.. وربما يكون السبب أن الإجازة حسب هذا القانون بعد إقراره برلمانيا هى للأب الذى هو رب الأسرة!.
ومن الواضح أن النقابات المهنية المعنية فى العاصمة المغربية الرباط، قد جاهدت فى سبيل صياغة مشروع قانون بهذا المسمى وبهذا المحتوى!.. ومن المعروف أن القانون المغربى يمنح الأم إجازة ١٤ أسبوعا إذا رزقها الله بطفل، وهذه مسألة تكاد تكون مشتركة بين مختلف حكومات العالم، لكن يبقى الجديد حقا هو هذه «الإجازة الأبوية» إذا جاز التعبير!.
وليس هذا هو الجديد الوحيد فى مشروع القانون الفريد، وإنما هناك شىء آخر جديد فيه، وهذا الشىء الجديد هو الإشارة من جانب الحكومة، عند الموافقة على مشروع القانون، إلى أن موافقتها عليه تنطلق من إيمانها بمبدأ اسمه: المسؤولية المشتركة للأسرة!.
وهذه عبارة تشير إلى فلسفة اجتماعية تقف وراء مشروع القانون، وهى فلسفة تلامس قضية مهمة للغاية، لأن إشارة حكومية مغربية من هذا النوع تأتى فى وقت نجد فيه أصواتا تقلل من قيمة الأسرة، ومن دورها، ومن مهمتها، كوحدة اجتماعية لا غنى عنها فى كل مجتمع يسعى إلى أن ينشأ على القدر المطلوب من التماسك، ومن القوة، ومن الصلابة الاجتماعية!.
للمدرسة بطبيعة الحال دورها الأساسى فى أى مجتمع، وللنادى دوره كذلك، ولدار العبادة دورها هى الأخرى.. وهكذا وهكذا إلى آخر المؤسسات التى تتولى التنشئة الصحيحة من الصغر على مستوى كل فرد.. لكن إذا غاب دور الأسرة، غابت معه أدوار كل هذه المؤسسات وتلاشت!.
ولذلك.. تظل أهمية هذه الإجازة المغربية فى الفلسفة الاجتماعية القائمة خلفها والمحركة لها، أكثر منها إجازة أسبوعين فى حد ذاتها!.