بقلم - سليمان جودة
ليس أطول من المائدة التى استقبل عليها الرئيس الروسى بوتين نظيره الفرنسى ماكرون فى العاصمة موسكو إلا اللافتة التى رفعها الأوكرانيون فى عاصمة بلادهم كييف، وكتبوا عليها ثلاث كلمات بالبنط العريض تقول: الأوكرانيون سوف يقاومون!.وعندما ترتفع لافتة بهذا الطول الذى ظهرت به، وبهذه الكلمات الثلاث ذات المعنى، فلا بد أن فيها ما يشير إلى طبيعة ما ينتظر الجنود الروس فى أوكرانيا، إذا ما قرر بوتين غزو الأراضى الأوكرانية الملاصقة لبلاده!.
وإذا كانت أوكرانيا قد خرجت من النطاق الروسى الأكبر فى عام ١٩٩١، حين انفرط عقد الاتحاد السوفييتى السابق إلى ١٥ دولة، فلا شك فى أنها سوف تقاوم إلى الأبد محاولة بوتين إعادتها إلى النطاق الروسى الأصغر، المتمثل فى روسيا، التى ورثت الاتحاد بعد سقوطه المأساوى!.
ولا شىء إلى اللحظة يؤكد الغزو أو ينفيه، رغم أن الرئيس الأمريكى قال ما معناه إنه يرجح حدوثه فى ١٦ من هذا الشهر.. أى فى نهار الغد!.. وهو لا يقول هذا الكلام على سبيل التنجيم، أو التخمين، أو قراءة الفنجان، لكنه يقوله فى الغالب بناء على معلومات استخباراتية متوفرة على مكتبه!.. ومن الممكن فهم ما يقوله فى إطار حرب نفسية سياسية تقودها بلاده ضد الروس!.
وإذا لم يأخذ الرئيس الروسى الدرس الواجب من لافتة الأوكرانيين ذات الكلمات الثلاث، فلن يأخذه من شىء آخر، وربما يكون عليه أن يكرر ما سبق أن واجه الاتحاد السوفييتى فى أفغانستان عندما غزاها فى ١٩٧٩، وأيضًا ما واجه الأمريكان فى بلاد الأفغان نفسها إلى أن انسحبوا منها فى أغسطس من السنة الماضية.. وقد واجهوا الشىء نفسه فى ڤيتنام من قبل أفغانستان!.
فى الحالات الثلاث خرجت القوات الغازية تجر الهزيمة وراءها، وفى الحالات الثلاث دفع الغازى ثمنًا لم يتوقعه ولم يضعه فى الحسبان، وفى الحالات الثلاث كانت الغلبة لإرادة الشعوب الأقوى من الغُزاة، حتى لو كانوا هم السوفييت والأمريكان أنفسهم!.والرئيس الأمريكى بايدن لا يتوقف عن التأكيد على أنه لن يرسل قواته إلى أوكرانيا إذا غزاها الروس، وليس من المستبعد أن يكون تكرار ذلك من جانبه نوعًا من إغراء بوتين بالذهاب إلى فخ عظيم ينتظره هناك. والأمريكان لهم سوابق مشهورة فى هذا الاتجاه!.