بقلم - سليمان جودة
هذا الأسبوع كنا على موعد مع مفارقة لافتة، ففى اليوم نفسه الذى أذاع جهاز الإحصاء أحدث تقاريره عن مشكلة السكان فى البلد، كان الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء الأسبق، والمدير التنفيذى لصندوق النقد، يتحدث حول الموضوع ذاته مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء!
تقرير الإحصاء يقول إن مواليد العام الماضى كانوا، فى مجملهم، أقل من مواليد العام قبل الماضى، وهذا خبر سار على كل حال، حتى وإنْ كان معدل الانخفاض لا يكاد يُذكر.. فمواليد السنة قبل الماضية كانوا مليونين، و٦٠٠ ألف، و١٧٣ مولوداً!.. وفى السنة الماضية انخفضوا إلى مليونين، و٥٥٧ ألفاً، و٤٤٠ مولوداً!
والمعنى أن الانخفاض فى حدود ٤٠ ألف مولود تقريباً، وهو معدل لا يمثل شيئاً فى المجمل، ولكنه انخفاض.. وأهميته ليست فى حجمه، ولكن فى أنه اتجاه بين المصريين يمكن جداً تشجيعه، ثم البناء عليه، ليكون المؤشر فى التقرير المقبل للجهاز أكثر قدرة على مخاطبة المستقبل!
وهو لن يكون كذلك، إلا إذا كانت هناك دراسة لتقرير الإحصاء، تكشف حقيقة الأسباب التى دعت عدداً من المواطنين إلى أن يقللوا من الإنجاب.. فالسؤال هو: ماذا بالضبط وراء هذه النسبة من التراجع الضئيل فى المواليد؟!.. هل وراءها أسباب مادية، أم أسباب تعليمية، أم أسباب دعائية، أم ماذا على وجه التحديد.. وبمعنى أوضح: هل انخفض معدل المواليد لأن عدداً من الأزواج اقتنعوا بأنهم غير قادرين على الإنفاق على عدد أكبر من الأولاد؟!.. أم لأن عدداً من الأزواج تعلموا بصورة أفضل، فنظموا إنجابهم لأنهم أصبحوا على درجة أعلى من الوعى؟!.. أم لأن عدداً من الأزواج اقتنعوا بما يقال فى وسائل الإعلام حول الموضوع فسمعوا، وأطاعوا، وقرروا الاكتفاء بطفلين مثلاً؟!
هذه الأسباب وغيرها، ليست واضحة فى التقرير، ويجوز أن يكون الرد على عدم وضوحها هو أن هذا ليس من بين عمل جهاز الإحصاء، وأن أجهزة أخرى فى الدولة هى التى عليها أن تهتم بهذه الزاوية من الموضوع، وأن توضحها للرأى العام، وأن تضعها أمام صاحب القرار!
يجوز.. ولكن الذى لا يجوز أن يظل معدل المواليد على هذه النسبة الهائلة، وأن تكتفى الدولة بأن تحذر وتحذر.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع