بقلم : سليمان جودة
سوف نطالع هذه الأيام كلاماً كثيراً عن المسلسل الفلانى الذى نجح، وعن المسلسل العلانى الذى لم ينجح، وعن البرنامج الذى حظى بنسبة عالية من المشاهدة، وعن العمل الفنى الذى لم يكن من حظه أن يلتف حوله جمهور المشاهدين.. وعن.. وعن.. إلى آخر ما يطالعه القارئ الكريم فى نهاية رمضان من كل عام!
وسوف لا يخلو الأمر من قارئ حائر بين القراء، سيظل يسأل نفسه هذا السؤال: على أى أساس بالضبط اكتشف الذين يكتبون أن هذا المسلسل قد حصد النجاح الباهر، وأن مسلسلاً آخر فى المقابل لم يحصل على ذات الدرجة من النجاح؟!.. وسوف لا يجد مثل هذا القارئ الحائر شيئاً يَشفِى غليله، وستظل حيرته تصاحبه، وسوف لا يحصل على أى إجابة دقيقة!
ولو أنه دقق النظر أكثر، فسوف يكتشف أن ما يقال عن نجاح عمل فنى هنا، أو عن عدم نجاح عمل آخر هناك، هو بالكاد رأى الكاتب وحده، وهذا بالطبع يظل رأياً يخص كاتبه، ويظل يتعلق بتقديره الشخصى، ويظل غير قابل للأخذ به على أنه حكم نهائى صالح للتداول على المستوى العام!
إن العمل الفنى الذى يعجبنى، ليس من الضرورى أن يعجب الآخرين.. والعمل الفنى الذى يعجبك ليس من الضرورى أيضاً أن يعجبنى.. ولذلك، فما يكتبه نقاد الفن بالذات يبقى رأياً شخصياً فى حدوده، ولا يمكن القول بأنه يعبر عن قطاع عريض بين قطاعات الرأى العام، إلا إذا كانت هناك استطلاعات رأى بين المشاهدين، تدعم وجهة النظر المكتوبة وتسندها!
والطبيعى أن ما يظهر على مواقع التواصل الاجتماعى لا يصلح لأن يكون استطلاعاً للرأى، لأن استطلاعات الرأى الحقيقية لها أسس أخرى تقوم عليها، ومراكز متخصصة تنهض بها، ورجال متخصصون يؤدون مهامها، ومناهج فى البحث لابد أن يلتزم بها كل استطلاع رأى!
وعندها فقط.. يمكن القول بأن الذى يكتب إنما يفعل ذلك على أساس صلب، وأنه يضع تقييماً للأعمال الفنية على أرضية قوية، فلا يقول كلاماً مرسلاً، ولا يعبر عن رأى انطباعى يخصه وحده، أو يمتد ليشمل دائرة أصدقائه، ومعارفه، وأقاربه بالكثير!
ولا نزال نفتقد مراكز استطلاع الرأى التى يمكن الاعتماد عليها فى هذا الموضوع وفى غير هذا الموضوع، وحتى نعثر عليها سوف يظل القارئ يتطلع إلى تقييم أعمال الفن فى رمضان وفى غير رمضان، بينما الحيرة تأكله!.. وهذه دعوة إلى التفكير الجاد فى تأسيس مراكز استطلاع رأى حقيقية، تأخذ عنها الدولة وهى مطمئنة، ويأخذ عنها المواطن وهو كذلك مطمئن!.