بقلم - سليمان جودة
هذه قصة جاءتنى فى رسالة من الأستاذ سمير تكلا، الذى يقيم فى لندن، وينشغل طول الوقت بالمقارنة بين الأحوال فى بلده، وبين أحوال يراها هناك بعينيه، ويتمنى أن يجد بلدنا فى السماء، ولكنه يدرك جيداً أن ما يتمناه، ويتمناه معه كل مصرى بالتأكيد، له طريق واحد لابد أن نقطعه.. فالأمم لا تصعد إلى السماء بالتمنيات وحدها!
القصة وقعت فى العاصمة البريطانية وكانت على عدة مراحل.. أما أول مرحلة فكانت عندما أوقف شرطى سيارة كان سائقها يقودها، وهو يتكلم فى الموبايل بالمخالفة للقانون!
المرحلة الثانية جاءت حين طلب الشرطى من السائق أن يتوقف على جانب من الطريق، حتى يتمكن من فحص أوراقه فى هدوء، فلا تتعطل سيارات أخرى قادمة لا ذنب لأصحابها فى شىء!
وفى الثالثة تبين للشرطى أن سائق السيارة هو وزير الداخلية شخصياً!.. ولكن هذا لم يكن يمثل أى شىء بالنسبة لرجل البوليس، فمهمته هى أن يطبق القانون على الجميع، ولا شأن له بما إذا كان الذى خالف هو وزير الداخلية ذات نفسه، أو كان مواطناً عادياً من آحاد الناس.. لا شأن له بهذا كله.. إن عليه أن يطبق القانون العادل على كافة المواطنين دون تفرقة ودون استثناء!
وفى المرحلة الرابعة حرر الشرطى محضراً لوزير الداخلية، وسحب منه رخصة القيادة!
وكان على الوزير أن يذهب إلى المحكمة فى المرحلة الخامسة، وأن يقف مدافعاً عن نفسه أمام القاضى، الذى سيطبق القانون هو الآخر، فيبرئ وزير الداخلية من التهمة، أو يُدينه بمخالفة قانون المرور!
وفى المرحلة السادسة وقف الوزير يدافع عن نفسه، فاعترف بصحة الواقعة، ولكنه التمس العذر، لأنه عندما استعمل المحمول كان يتلقى مكالمة من رئيس شرطة مطار هيثرو، وكانت المكالمة حول ضيف مهم وصل المطار دون أن يحمل تأشيرة فى الباسبور!
وفى المرحلة السابعة سأله القاضى عما إذا كان من الممكن.. وقت الواقعة.. أن يتوقف على جانب من الطريق، ويتلقى الاتصال من شرطة المطار؟!.. أجاب الوزير المتهم بأن ذلك كان ممكناً!
رفع القاضى الجلسة ليتداول الحكم مع أعضاء هيئة المحكمة، ثم عاد فعقدها وحكم بغرامة على وزير الداخلية، وسحب رخصة القيادة لمدة ثلاثة أشهر!
والدرس فى القصة بكل مراحلها، أن عليك أن تستعرض دول العالم أمامك، وسوف تكتشف أن دولة القانون لها مكانة بين الدول، وأن دول اللاقانون تكتفى بمكان على الخريطة!
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع