توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسير العصر والصورة

  مصر اليوم -

أسير العصر والصورة

بقلم - سليمان جودة

قد يتصور الإنسان أنه أكثر سعادة فى القرن الحادى والعشرين، وأن الذين عاشوا فى قرون سابقة كانوا أقل منه سعادة فى الحياة.

ولكن السؤال هو دائمًا عما يسعد به الإنسان فى حياته، وعما إذا كانت السعادة نسبية وتختلف من حيث معناها من شخص إلى آخر، أم أنها مطلقة بمعنى أن ما يجد فيه إنسان هذا العصر سعادته هو نفسه ما كان يجده إنسان العصر الذى سبق؟.

إن كثيرين ممن يعيشون بيننا عاشوا سنوات من حياتهم فى الريف، ولم يكن الريف وقتها يعرف الكهرباء، وكان يخلو بالتالى من أى جهاز يعمل بالكهرباء، وكان الجهاز الوحيد هناك هو الراديو لأنه كان يعمل بالبطاريات، ولم يكن فى حاجة إلى كهرباء لينطق بها أو يذيع ما كان يذيعه على جمهوره الواسع.

كان الراديو هو أداة الاتصال الوحيدة التى تربط إنسان ذلك العصر بزمانه، وكان يجد فيه كل ما يحتاجه مما يفيده ويسليه، ولم يكن يشعر بشىء ينقصه.. بل ربما حدث العكس هذه الأيام، وربما أحس جمهور الراديو أنه يفتقده، وأنه يتمنى لو عاد يسمعه، وأن كل منجزات عصره فى القرن الحادى والعشرين لم تعوضه عن متعة الإنصات إلى ما كانت الإذاعة توزعه على الجمهور.

كان جمهور الراديو يحفظ أسماء المذيعين والمذيعات لأن أسماءهم كانت تتردد بين البرامج، وكان يحفظ أصواتهم لا أسماءهم وحدها، وكان يرسم لهم صورًا فى خياله، وكانت الصورة الخيالية للمذيعة أو المذيع تتشكل على أساس الصوت والاسم لا على أى أساس آخر.

وربما لهذا السبب رفض كثيرون من مذيعى ومذيعات الراديو الظهور فى التليفزيون عندما غطى على الراديو، وعندما سحب جزءًا كبيرًا من جمهوره، وكان سبب الرفض أن المذيعة ذات الصوت الجميل المميز النبرات قد لا تكون على المستوى نفسه فى معالم الشكل، ولذلك، فإن ظهورها سوف يجرح صورتها المرسومة لدى جمهورها الذى أحبها لصوتها، والذى رسم لها صورة ذات ملامح محددة بناءً على نبرة الصوت، وحلاوته، وتميزه بين الأصوات.

يقارن جمهور الراديو بينه وبين التليفزيون، فيكتشف أن الإذاعة تكسب، وأنها كانت أكثر متعة فيما تقدمه، وأن الصورة التى تميز التليفزيون عنها قد سلبت خيال المستمع، وجعلته أسير الصورة على الشاشة، ولا أدَلَّ على ذلك إلا أنك إذا خيرت أحدًا من «السميعة» الحقيقيين بين أن يسمع أم كلثوم فى الراديو، أو يشاهدها على شاشة التليفزيون، فسوف يفضل الاختيار الأول، وسوف لا يجد فى صورة سيدة الغناء على الشاشة ما يمتعه فى شىء.

وليس مثال أم كلثوم إلا واحدًا من أمثلة كثيرة، وكلها تقول إن الإنسان الذى قد يتصور سعادته فى هذا العصر، إنما يستيقظ فى أحيان كثيرة على أن ما يتصوره ليس هو الحقيقة، وأن المتعة فى الغناء مثلًا هى الصوت لا الصورة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسير العصر والصورة أسير العصر والصورة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon