بقلم - سليمان جودة
وسائل الإعلام فى السعودية مملوءة بالكلام عن شابين سعوديين، من بين الشباب السعودى الذى يدرس فى الولايات المتحدة الأمريكية، لأن لهما قصة فيها من الحزن والأسى بقدر ما فيها من البطولة والمروءة والرجولة والشرف.. أما الأول فاسمه ذيب اليامى، وأما الثانى فجاسر آل راكة، وقد كان أحدهما يوشك أن يتخرج!.
كان «جاسر» مع «ذيب» فى جولة على نهر شيكوبى، أحد أنهار ولاية ماساتشوستس الأمريكية، فاستغاث بهما طفلان كانا يقاومان الغرق.. قفز «جاسر» فى النهر، ومن ورائه قفز «ذيب»، وأنقذا الطفلين، ثم كانت المفارقة أنهما عجزا عن مقاومة تيار الماء المندفع، فغرقا معاً!.
نجا الطفلان، وغرق الشابان، وراحت وسائل إعلام أمريكا تتكلم عن بطولتهما، وعن أنهما ينتميان إلى بعثة طلابية سعودية عريضة تدرس هناك، وتضيف إلى الولايات المتحدة من القيم الإيجابية على قدر ما سوف تضيف حين تعود إلى بلادها من العلم ومن المعرفة!.
القصة مثيرة لكل مشاعر نبيلة، وتستوقف كل صاحب وجدان، ولكن الذى استوقفنى فيها أكثر أن «جاسر» و«ذيب» شابان من بين 52 ألف شاب وشابة يدرسون هناك، ويتوزعون بين مختلف الجامعات والتخصصات، وينتظرون يوماً يعودون فيه إلى الرياض، ليكونوا أداةً من أدوات تواصل السعودية مع العصر!.
وتذكرت وكيلاً سابقاً لوزارة التعليم العالى فى السعودية، كان قد وضع بعثات بلاده الطلابية على موقعها الصحيح من الخريطة، فقال إن مثل هذه البعثة فى الولايات المتحدة، مع كل بعثة مشابهة فى كل بلد أجنبى آخر، إنما تمثل نفط المستقبل فى المملكة!.
وتذكرت أيضاً الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، والذى كان متحمساً لبعثات الدراسة فى الخارج إلى أقصى حد، والذى بدأ فور تسميته ملكاً فى إنشاء جامعته للتكنولوجيا، وقال إنها حلم كان يراوده منذ ربع قرن.. وأظن أن الملك سلمان يمضى على ذات الطريق لأن تقاليد العائلة فى السعودية هى تقاليد واحدة!.
وكان محمد على باشا قد أدرك هذا مبكراً، فأرسل بعثات فى أيامه، هى التى غيّرت وجه مصر، وهى التى صنعت منها دولة حديثة.. ثم كان الرئيس قد وقف على أول طريق محمد على، عندما قال فى خطاب التنصيب يوم 2 يونيو إن أولوياته فى هذه المرحلة ثلاث: التعليم.. والصحة.. والثقافة!.
لا شىء يغير وجه الحياة فى البلد.. أى بلد.. سوى العقل الواعى، الذى تلقى التعليم الجيد!.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع