سليمان جودة
فى بداية أزمة السكر، تردد كلام لم أصدقه حينها عن أن الأزمة فى مجملها مصنوعة، وأن الهدف منها فى النهاية هو رفع سعر هذه السلعة التى لا غنى فى أى بيت عنها!
وكنت أقول بينى وبين نفسى إننا نفترض فى الدولة أنها بعد ثورتين قد نضجت، ولو قليلاً، ولم تعد فى حاجة لمثل هذه الأساليب الرخيصة فى التعامل مع مواطنيها، وأنها تستطيع مصارحتهم، دون اصطناع أى أزمة، بأنها سترفع سعر السكر أو غير السكر للأسباب كذا.. وكذا.. بشرط أن تكون جادة فيما تقوله، وأن تكون مقنعة، وأن تكون قبل الجدية والإقناع عادلة، ثم راغبة حقاً فى أن توقف كل أشكال السفه والفساد المنتشرة فى أنحاء البلاد!
وعندما أعلن وزير التموين، أمس الأول، رفع سعر كيلو سكر البطاقات جنيهين ليتساوى سعره مع سعر السكر الحر تأكد الكلام الذى قيل فى بداية الأزمة، ولم يعد هناك شك فيه، ثم تأكد معه أن الدولة لاتزال تعامل رعاياها بخفة بالغة!
وحين أقول إن الكلام الصادر عن الحكومة، أو عن أى من أعضائها، لابد أن يكون مقنعاً، حتى يكون الناس معه، وفى صف واحد إلى جواره، فإننى أقصدها تماماً، لأن البديل هو أن تكون الحكومة فى وادٍ، والناس فى وادٍ آخر، ليقعوا فى نهاية المطاف فريسة سهلة لدعاة 11 نوفمبر، وغير 11 نوفمبر!
وإلا.. فما معنى أن يبرر وزير التموين المبجل رفع سعر كيلو السكر على البطاقات بارتفاع سعره عالمياً.. هذا مع الأسف، كلام يخلو من أى منطق، وينطوى على خداع للمواطنين، وضحك عليهم، بلا حد!
هو كلام ينطوى على ذلك كله، لأن ما ننتجه محلياً من السكر يزيد على ثلثى استهلاكنا منه، وبالتالى فلا مجال لرفع سعر سلعة لا نستوردها فى جزئها الأكبر، وحتى إذا كنا نستورد ثلث استهلاكنا منها، أو ما هو أقل من الثلث، فاستيراد بهذا الحجم الأصغر، من هذه السلعة تحديداً، لا يبرر أبداً رفع سعرها من 5 إلى 7 جنيهات مرة واحدة، لأن ذلك يعنى بشكل مباشر ارتفاع سعر الكيلو الحر منها بنسبة أكبر!
لم أصدق فى البداية أن الدولة يمكن أن تتلاعب بمواطنيها، وتستخف بهم إلى هذا الحد، وأن تغرقهم لأسابيع فى أزمة مصنوعة عن قصد هكذا.. لكن.. فى اللحظة التى صدر فيها قرار الوزير، جاء القرار كاشفاً بامتياز!