بقلم-سليمان جودة
أقوال المتهمين الستة في حادث قطار رمسيس تدعونا إلى النظر لقضية إصلاح مرفق السكة الحديد بشكل مختلف، فهى تقول، بأقوى لغة، إن البشر في المرفق يمثلون المشكلة الأكبر، والأدعى إلى التعامل معها أولاً، إذا ما قررنا الأخذ بمبدأ الأولويات في القضية كلها.. أما ما عدا البشر فالظاهر أنه يمثل المشكلة الأصغر، والأهون، وربما الأسهل!
إن كثرة الحديث عن أن إصلاح السكة الحديد يحتاج إلى مائة مليار جنيه، معناه بقاء الحال فيها على ما هو عليه، لأن الدولة ببساطة لا تملك هذا الرقم في الوقت الحالى، بما يعنى أنه إلى أن يتوافر في خزانتها سوف يظل أبرياء يتساقطون بالعشرات والمئات على القضبان!
فسواء تشاجر اثنان من الستة، كما يعترفان في أقوالهما، بما أدى إلى اندفاع جرار القطار إلى حيث اصطدم بالمصدات الحديدية، أو أهمل الستة معاً، فالحصيلة في النهاية أننا أمام عناصر بشرية ليست صالحة للقيام بمهمات موكولة إليها في مكانها!
وحتى لا يكون الكلام على إطلاقه، أرجو أن نطلب إحصاءات حوادث القطارات خلال السنوات الماضية من الأجهزة المختصة في الدولة، لنكتشف أن تسعين في المائة منها سببها أن أداء الإنسان دون المستوى، وهذا بالضبط ما يقول به الحادث الأخير، الذي يحصر المسؤولية بين سائقين، وعاملين اثنين في برج المراقبة، وعاملين اثنين أيضاً في برج التحويلة!
وليس أمامنا إذا أردنا أن نقطع شوطاً في مشوار الإصلاح، دون انتظار المائة مليار التي تكاد تتحول إلى شماعة، إلا أن نبدأ بشىء محدد لا غنى عنه ولا بديل!
هذا الشىء هو إخضاع ٧٠ ألفاً يعملون في المرفق لعمليتين متوازيتين، بشرط أن يكون ذلك على مدى زمنى له أول ننطلق من عنده، ثم يكون له آخر ننتظر عنده النتيجة التي نرجوها.. أما الأولى فهى إخضاعهم لدورات تأهيل شاملة، تجعل كل واحد فيهم قادراً على القيام بما هو مطلوب منه في موقعه، وبدرجة من الكفاءة لن تكون متاحة، إلا بتأهيل منظم يجرى حسب جدول صارم!
وأما الثانية فهى كشف طبى دورى، لا يتخلف عن موعده، ويستبعد كل الذين لا تسمح حالتهم الصحية بالأداء المطلوب في كل المواقع، ولا يستثنى أحداً، ولا يتسامح مع الذين قد يتحايلون عليه، أو يحاولون البحث كالعادة عن ثغرة فيه!
نظام دقيق من هذا النوع كفيل، خلال عام واحد، بإعادة سمعة السكة الحديد إليها، بدلاً من هذه السمعة التي أصبحت تسبقها ولا تليق بنا!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع