توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثورة على ثورة!

  مصر اليوم -

ثورة على ثورة

سليمان جودة

دعانى الوزير محمد بن عيسى، أمين عام منتدى أصيلة الثقافى الدولى، إلى أن أتكلم أمام موسم المنتدى لهذا العام، تحت عنوان أعم هو: «النخبة، والدين، والدولة».. وكان هناك عنوان آخر، أقل عمومية، هو: «النخبة، والحداثة، والديمقراطية».

وكان الرجل قد اختار أسماء فى الوطن العربى، وخارجه، ثم دعاهم إلى المغرب، وطرح عليهم موضوعين أساسيين، أولهما المجتمع المدنى، وثانيهما الدين والدولة.. أين.. وإلى أين؟!

وكان تقديرى، أنه لا حداثة بمعناها الحقيقى دون دولة تمارس حضورها على أرضها، ولا ديمقراطية دون إبعاد الدين عن أن يكون أداة من أدوات السياسة، ثم عن أن يجرى توظيفه لخدمة السياسة، فالدين بطبيعته أسمى من أن يكون أداة فى يد السياسى، وأرفع من أن يكون مؤدياً لوظيفة نحو غنيمة سياسية.

ومما قلته هناك، إنه من المهم أن نتذكر، ونحن نتكلم عن الدين، والدولة، والحداثة والديمقراطية، أن إحسان عبدالقدوس، يرحمه الله، كان قد أصدر كتاباً مهماً فى عام 1986، وكان عنوانه «البحث عن ثورة».

كانت الثورة المقصودة فى عنوان الكتاب، هى ثورة يوليو 1952، وكان «إحسان» فى ذكرى مرور 34 سنة عليها، يريد أن يعرف ماذا بقى منها، وماذا بالضبط تحقق من بين مبادئها الستة الشهيرة؟!

وفى آخر صفحة من الكتاب، سوف يصل القارئ، مع صاحب الكتاب، إلى نتيجة مزعجة للغاية، هى أن تلك الثورة إذا كانت قد رفعت، فى بدء أيامها، ستة مبادئ أساسية، فإن مبدأ واحداً منها فقط قد تحقق، وهذا المبدأ هو: إقامة جيش وطنى قوى.. أما ما عدا مبدأ الجيش الوطنى القوى، فلقد ظل محل شك كبير، ابتداءً من مبدأ إقامة عدالة اجتماعية، وانتهاءً بإقامة حياة ديمقراطية سليمة، مروراً بما بينهما.

فلا العدالة الاجتماعية بامتداد 34 سنة قد تحققت، ولا الحياة الديمقراطية السليمة قد قامت.. وعندما اشتعلت 25 يناير 2011، كان اشتعالها فى حينها دليلاً آخر على أن «العدالة الاجتماعية» بقيت مبدأ مرفوعاً على الورق، وأنها ظلت معلقة فى الهواء فى انتظار أن ينزلها أحد على الأرض، ليطبقها، رغم مرور ما يقرب من 60 عاماً، فى 2011، على «يوليو 52».. لا مرور 34 سنة فقط أيام كتاب إحسان!

وكان الدليل على ذلك أن «25 يناير» رفعت المبدأ ذاته شعاراً لها، من بين شعاراتها الثلاثة الشهيرة، وكان المعنى عندى، أن 25 يناير، كانت ثورة على 23 يوليو نفسها.. كانت ثورة على ثورة، أكثر منها ثورة على نظام حسنى مبارك الحاكم!

ولم يتحقق مبدأ العدالة الاجتماعية فى يوليو 52، لأن الدولة فى ظل «يوليو» تلك، قد انشغلت بنفسها عن أهلها، وبنظامها الحاكم عن رعاياها، ولا بديل الآن عن أن تنشغل الدولة برعاياها، ليصبحوا مواطنين، لا مجرد رعايا، ثم لا بديل الآن عن أن تتحول من دولة الشكل، التى حالت دون تحقق المبادئ التى بحث عنها إحسان عبدالقدوس، إلى دولة المضمون التى تمارس وظيفة لها محددة، إزاء كل مواطن على أرضها.

حضور دولة المضمون يحوّل الرعايا إلى مواطنين، ويعرى المتاجرين بالدين، ويمنع الاتجار بما نزل على عباد الله من السماء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة على ثورة ثورة على ثورة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon