توقيت القاهرة المحلي 09:23:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس كمَنْ يده في النار

  مصر اليوم -

ليس كمَنْ يده في النار

بقلم - سليمان جودة

نظرة سريعة على الجزء الشرقي من خريطة العالم سوف تقول لنا إن جزيرة تايوان تقع في القلب من هذا الجزء، وإن مياه المحيط الهادي تحيط بها من الجهات الرئيسية الأربع، وإن موقعها هو إلى الجنوب الشرقي من الصين.

 

وسوف تقول المعلومات الأساسية عنها، إن اسمها في السابق كان فورموزا، وإنها تبعد عن الصين 140 كيلو متراً تقريباً، وإن مضيقاً يفصل بينها وبين الشواطئ الصينية على المحيط، وأن اسمه مضيق تايوان.

ورغم أن هذه الجزيرة لا تكاد تغيب عن مانشيتات الأخبار في وسائل الإعلام، إلا أنها كانت تحتل هذه المانشيتات أكثر خلال الأيام القليلة الماضية، وكان السبب أن انتخابات رئاسية جرت فيها، وأن نتيجة الانتخابات قد جرى الإعلان عنها يوم السبت 13 من هذا الشهر، وأن لاي تشينغ تي كان هو المرشح الفائز فيها.

ورغم أنه كان قبل الانتخابات شخصاً معروفاً في البلاد، ورغم أن الذين يتابعون شأن بلاده يعرفونه قبل فوزه، بحكم إنه كان نائب تساي تساي إنغ وين، الرئيسة السابقة للجزيرة، إلا أن الإعلان عن فوزه لم يصادف ارتياحاً لدى الصين.

وكان سبب عدم الارتياح أن الحكومة في بكين تعرفه، أو بمعنى أدق تعرف أفكاره، وتعرف أن من بين هذه الأفكار تأييده لاستقلال تايوان عن الصين، التي ترى الجزيرة منطقة صينية تتمتع بالحكم الذاتي.. وقد سارعت الحكومة الصينية فوصفت لاي تشينغ بأنه «مثير للمشاكل» وأضافت أن فوزه لن يعوق التوجه نحو إعادة التوحيد بين الجزيرة والصين لأنه توحيد حتمي.

وليس سراً أن أهمية تايوان وحيويتها تنبع منها في حد ذاتها، ثم تنبع مرة ثانية من موقعها، فأما التي تنبع منها في حد ذاتها فلأن الجزيرة تنتج ما يقرب من 70 ٪؜ من أشباه المواصلات في العالم، وهذا ما يعطيها أهميتها لأن هذه الأشباه تدخل في صناعات دقيقة كثيرة، وأما الذي ينبع من موقعها فلأن 50 ٪؜ من الحاويات المنقولة حول العالم تمر من خلال مضيق تايوان، وبالتالي، فهي جزيرة حيوية للغاية وموقعها مؤثر جداً في حركة التجارة العالمية.

وإذا كان لاي تشينغ تي قد فاز في 13 يناير، فهو لن يتولى السلطة إلا في العشرين من مايو، وسوف يكون علينا أن ننتظر إلى هذا التاريخ لنرى من بعده كيف سيتصرف الرجل عندما يكون على رأس الجزيرة، وعندما يجد أن خيوط السلطة كلها في يده؟

إن هناك فارقاً كبيراً بين أن يكون نائباً للرئيسة فيقول ما يحب ويشاء، ويتحدث عما يرى من الأفكار، وبين أن يكون هو الرئيس فيكتشف أن ما يقوله محسوب عليه بالكلمة، وأن عليه أن يتمهل قبل أن يقول ما يريد أن يقوله للعالم من حول الجزيرة.

وبمعنى آخر، فإن التجربة في مثل حالة لاي تقول إن كثيرين من الساسة يتشددون في أفكارهم ما داموا خارج السلطة، وإن هذا التشدد سرعان ما يتحول قليلاً أو كثيراً عندما يجدون أنفسهم في مواقع المسؤولية، فيتبدل الحال إلى نوع من الواقعية السياسية التي تتعامل مع الواقع حسب قواعده المستقرة، لا حسب ما يقول التشدد القديم ويشير!

ولأن الجزيرة موضع شد وجذب طول الوقت بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الصين، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان حريصاً منذ لحظة الإعلان عن فوز الرئيس الجديد على أن يهدئ ولا يواصل التصعيد، فقال عقب الإعلان عن فوز تشينغ أن واشنطن لا تدعم الاستقلال بالنسبة لتايوان، وهذا من شأنه طبعاً أن يصادف ارتياحاً لدى الحكومة في بكين.

ويمكن اعتبار هذا التصريح من جانب بايدن نوعاً من الواقعية السياسية بظلالها المختلفة، ويبقى أن نعرف ما إذا كان الرئيس الجديد سيتبنى النهج نفسه؟.. وهذا ما لن يكون متاحاً لنا قبل العشرين من مايو في هذه السنة، وقد قيل دائماً إن مَنْ يده في الماء ليس كمن يده في النار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس كمَنْ يده في النار ليس كمَنْ يده في النار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon