توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لو حضر السادات في موسكو أو كييف

  مصر اليوم -

لو حضر السادات في موسكو أو كييف

بقلم - سليمان جودة

كل يوم تعطينا الحرب الروسية الأوكرانية إشارات متناقضة، وكانت آخر الإشارات قد صدرت عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ثم عن دونالد توسك، رئيس وزراء بولندا.

 

ففي التاسع والعشرين من مارس قال لافروف في تصريحات نقلتها عنه أكثر من وكالة أنباء، إن بلاده مستعدة للتسوية في أوكرانيا بضمانات أمنية متبادلة. وفي اليوم التالي مباشرة قال توسك في تصريحات صحافية أيضاً، إن أوروبا دخلت مرحلة ما قبل الحرب، وإن وضعاً كهذا في القارة الأوروبية لم يحدث منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945.

والمعنى أننا في يومين متتاليين وجدنا أنفسنا أمام ما يشبه العرض بالسلام من الجانب الروسي، وما يشبه التلويح بالحرب من الجانب الأوروبي.. والحقيقة أن العالم في أشد الحاجة إلى أن يلتقي الطرفان عند نقطة في الوسط بينهما.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها عرض بالسلام والتسوية من موسكو، فمن قبل جاء عرض من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان ذلك قبل أسابيع معدودة، ولكن أحداً على الجبهة الأخرى لم يستمع إليه، فضلاً بالطبع عن أن يناقشه فيما يطرحه ويقوله.

ويلاحظ الذين يتابعون هذه الحرب منذ أن قامت في 24 فبراير 2022، أن عروض السلام والتسوية فيها كانت على الدوام تأتي إما من روسيا، وإما من طرف ثالث ليس طرفاً مباشراً فيها، وكان أشهر العروض الخارجية عرضاً صينياً مرة، وعرضاً من البابا فرانسيس، بابا الڤاتيكان، مرة ثانية، وفي المرتين لم يجد العرضان آذاناً صاغية.

وربما كانت أخطر اللحظات في هذه الحرب، هي اللحظة التي أعلنت فيها روسيا مساء الجمعة 22 مارس أن العملية العسكرية التي أطلقها بوتين في السنة قبل الماضية لم تعد عملية، وأنها قد أصبحت حرباً شاملة، وبكل ما للحرب الشاملة من المعاني.

وحين جرى الإعلان عن ذلك، فإن هذه كانت لحظة فاصلة بين الطرفين المتحاربين، وصار ما قبل هذه اللحظة مختلفاً عما بعدها.. وقد جاء الإعلان عن ذلك في المساء نفسه الذي نفذ فيه تنظيم داعش خراسان الإرهابي هجومه الشهير على المركز التجاري الروسي كروكوس في ضواحي العاصمة الروسية موسكو، ولا أحد يعرف ما إذا كانت هناك صلة مباشرة أو حتى غير مباشرة بين الهجوم، وبين التحول الروسي من عملية عسكرية إلى حرب شاملة.

هناك علاقة من نوع ما بين الهجوم وبين التحول، ولكن طبيعة هذه العلاقة وخفاياها ليست واضحة، وستتضح بالتأكيد ذات يوم.

ولكن الإشكال الكبير في هذه الحرب أن كل طرف من طرفيها يرغب في الانتصار على الطرف الثاني بالضربة القاضية، دون أن ينتبه كلاهما أن هناك انتصاراً بالنقاط، وأن هذا الانتصار هو العملي والممكن في كل حرب، وليس في الحرب الروسية الأوكرانية وحدها، وهو عملي لأنه تقريباً يحفظ ماء وجه كل طرف، ويجعل كل طرف منهما يحس بأنه منتصر وبأنه لم ينهزم.

هذا الانتصار هو ما تحتاجه هذه الحرب، وبما أن الروس يمدون أيديهم بعروض سلام لا تتوقف، فالأوروبيون مدعوون في المقابل، وباعتبارهم هُم رعاة الأوكرانيين، إلى أن يأخذوا العروض الروسية بجدية أكثر، وبطريقة عملية أكثر أيضاً.

الأوروبيون مدعوون إلى ذلك، بدلاً من تأجيج نار الصراع كما يبدو من تصريح رئيس وزراء بولندا، وإذا شئنا الدقة أكثر قلنا إن الأمريكيين مدعوون إلى ذلك أكثر من الأوروبيين، لأنه ليس سراً أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفخ في هذه الحرب كلما خمدت نارها، وتمد الأوكرانيين بالسلاح والمال منذ بدء الحرب، ولا تعير دعوات السلام الروسية أو غير الروسية أي اهتمام، وتغري أوكرانيا بالمضي في طريق القتال دون توقف.

هذه حرب لا نهاية لها إذا ما مضت بطريقتها الراهنة، والانتصار فيها بالضربة القاضية ليس ممكناً لهذا الطرف ولا لذاك، ولكن الانتصار بالنقاط ممكن، ولا يحتاج إلى شيء قدر ما يحتاج إلى أن يتحلى كل طرف بالمسؤولية تجاه مواطنيه، ثم تجاه العالم كله بالدرجة نفسها، لأنه لا يوجد بلد في العالم إلا وطالته تداعيات الحرب بشكل أو بآخر. ولا يحتاج انتصار من هذا النوع إلى شيء، قدر حاجته إلى سياسي شجاع، ولنا مثال للسياسي الشجاع يطوف بالخاطر في هذه اللحظة وهو الرئيس أنور السادات، الذي استطاع بشجاعته أن يفرض سلاماً بين القاهرة وتل أبيب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو حضر السادات في موسكو أو كييف لو حضر السادات في موسكو أو كييف



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon