بقلم سليمان جودة
من أين يأتى الشيخ محمد بن راشد، حاكم إمارة دبى، بهذه الأفكار؟!.. وكيف يستطيع الرجل «بيع» الإمارة التى يحكمها، للسائح، بهذه القدرة، وبهذه البراعة؟!.. وكيف استطاع أن يصنع من إمارته وجهة أولى للسائحين القادمين إلى المنطقة، رغم أن دبى إمارة واحدة من بين سبع إمارات فى دولة الإمارات العربية؟
كنت أقرأ تقريراً صادراً عن جهاز الإحصاء، يقول إن السياح عندنا انخفضوا 41٪ فى سبتمبر الماضى، مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق.
وكنت أفتش عن سبب وراء انخفاض مروع من هذا النوع، فلا أجد!
كنت لا أجد، لأن موضوع الأمن، الذى يجرى فى العادة اتخاذه حجة لمثل هذا الانخفاض، لا يدخل العقل أبداً، عندما يتطلع الواحد منا نحو تركيا - مثلاً - فيكتشف أن عدد سياحها أضعاف أضعاف ما يأتى إلينا، رغم أن يوماً واحداً تقريباً لا يكاد يمر إلا وتكون عملية إرهابية قد وقعت على الأراضى التركية!.. ومع ذلك فالسياحة لا تتوقف عن التوافد عليها، عموماً، ولا على أنطاليا، خصوصاً، وهى مدينة عندهم تشبه شرم عندنا بصورة من الصور!
وحين وقعت عملية إرهابية فى أنطاليا نفسها، قبل ثلاثة أسابيع، فإن السياحة لم تتوقف عن المجىء إليها، ولا هجرها السياح كما هجروا شرم!.. هل لأنهم هناك يعرفون كيف «يبيعون» ما لديهم، للسائح فى الخارج، ولا نعرف نحن هنا كيف نبيع، ولا كيف نشترى؟!.. ربما!
أعود إلى الشيخ محمد بن راشد، الذى أعطى إشارة البدء، قبل ثلاثة أيام، لإنشاء قناة مائية تمر من خور دبى، فى وسط المدينة، إلى مياه الخليج العربى شرقاً، وتمتد 12 كيلومتراً!
أما المخطط فى ذهنه فهو أن تجذب القناة، عند الانتهاء منها، بعد ثلاث سنوات، 30 مليوناً من السياح فى كل عام!
قناة طولها 12 كيلو سوف تأتى بـ30 مليوناً إلى دبى، ونحن نملك شواطئ جاهزة من نوع ما سوف تتيحه القناة، ولمئات الكيلومترات، ومنتهى طموحنا أن نجلب ربع الرقم، إذا كان ذلك ممكناً!
الفكرة، إذن، هى كيف «تبيع» ما عندك للسائح الذى تريده، وتقصده!
وهو بالضبط ما رواه لى، أكثر من مرة، الدكتور عبدالقادر حاتم، يرحمه الله.. فلقد كان وزيراً للسياحة ذات يوم، وسأل واحداً من الألمان الذين يفهمون فى السياحة عما يجب أن نفعله لنغرى السائح فيقصدنا، دون غيرنا، لأن لدينا فى انتظاره ما لن يجده عند الآخرين!
وكان رأى الخبير الألمانى أن الشمس وحدها فى مصر يمكن أن تكون كنزاً سياحياً لا ينفد، إذا عرفنا كيف «نبيعها» للسائح الذى إذا زار الأهرامات، مثلاً، فلن يفكر فى زيارتها مرة أخرى.. لقد رآها وانتهى الأمر.. أما حاجته إلى شمسنا فهى حاجة متجددة فى كل موسم، إذا عرفنا كيف نخاطبها عنده!
السياحة فكرة تباع قبل أى شىء، وليس عيباً أن نتعلمها من حاكم دبى!