توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لم يتصوره الفيلسوف

  مصر اليوم -

لم يتصوره الفيلسوف

بقلم - سليمان جودة

يظل الإعلام مرآة لما يجرى فى دنيا الواقع بين الناس، وتختلف درجة الصدق فيه من أرض إلى أرض طبعًا، لأن المرايا ليست كلها سواء بالتأكيد.. وحين تطلعتُ من جانبى إلى مرآة الصحف الصادرة صباح ٣٠ ديسمبر، الذى كان على مرمى حجر من هذه السنة الجديدة، تبين لى كم كانت مرآة ذلك اليوم صادقة فى نقل أحوال العالم من حولنا.

كانت مرآة الثلاثين من ديسمبر تحمل الكثير من العناوين، وكان عنوان منها يقول إن الحرب بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، التى أسسها عمر البشير، لا غفر الله له ولا سامحه، قد وصلت إلى حد قذف السودانيين فى مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بالبراميل المتفجرة!

تابعت ذلك وأنا أتساءل بينى وبين نفسى عما إذا كانت السماء قد كتبت علينا أن نعود لنطالع أنباء قذف الناس بهذه البراميل فى السودان، بعد أن كنا قد نسينا قذف السوريين بها فى وقت من الأوقات؟.. وتساءلت أيضًا عما إذا كان السودانيون فى إقليم دارفور قد ودعوا أيام البشير السوداء ليجدوا أنفسهم على موعد مع أيام البراميل؟

وفى عنوان آخر من عناوين المرآة كان فولكر تورك، المفوض الأممى لحقوق الإنسان، يقول إن الكلمات تعجز عن وصف الحال فى قطاع غزة.. كان يقول إن سبعين فى المائة من الشهداء فى القطاع هُم من الأطفال والنساء، وإن نصف مليون من الغزاويين يجدون أنفسهم فى مواجهة مع المجاعة.. كان هذا هو حال الناس فى غزة، وكان هذا هو ما قاله المفوض الأممى نصًا، وكان هذا مما يضعنا أمام ما يعانيه الغزاويون دون رتوش مُضافة.

ولم يكن هذا هو كل ما تحمله مرآة آخر السنة لنا، لأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين شن هحومًا جويًا على عدد من المدن الأوكرانية، كان هو الأكبر منذ أن أطلق بوتين عمليته العسكرية فى أوكرانيًا ٢٤ فبراير قبل الماضى، وكان الأكبر لأنه كان بالصواريخ والطائرات المُسيرة معًا، ولأن ١٥٨ صاروخًا وطائرة مُسيرة شاركت فيه!

هكذا بدت السنة المنقضية مثقلة بالهموم وهى تودعنا، وهكذا بدت تباشير السنة الجديدة وهى تستقبل الناس وتدعوهم إلى عام جديد.. ولابد أن الذين تابعوا هذا كله قد فعلوا ذلك بكثير من الجزع والألم، ولابد أنهم قد ذكروا كتابًا كان الفيلسوف الإنجليزى برتراند رسل قد جعل عنوانه: «عالمنا المجنون».

كان الفيلسوف الإنجليزى قد عمّر طويلًا، وكان فى الثامنة والتسعين عندما رحل فى ١٩٧٠، وكان قد عاصر الحربين العالميتين، وكانت الحربان ذروة الجنون العالمى فى تقديره، ولكننا بعد انقضاء ما يزيد على نصف قرن على رحيله نعيش حربًا فى كل مكان، لا مجرد حرب بين طرفين حتى ولو كانت حربًا عالمية، ولو عاش بيننا إلى اليوم لكان قد سحب كتابه من الأسواق، ولكان قد اكتشف أن كلمة الجنون لم تعد معبرة بما يكفى عما يعيشه عالمنا.. يرحم الله الفيلسوف رسل الذى كان يتصور أن الجنون هو أعلى ما يمكن أن يصل إليه العالم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يتصوره الفيلسوف لم يتصوره الفيلسوف



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon