توقيت القاهرة المحلي 17:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما سوف يكون على بايدن أن يسمعه في الرياض

  مصر اليوم -

ما سوف يكون على بايدن أن يسمعه في الرياض

بقلم - سليمان جودة

ربما يقوم وجه شبه بين زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الرياض منتصف الشهر المقبل، وبين زيارة الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت إلى المنطقة، وهي الزيارة التي التقى خلالها مع الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود على ظهر الطرّاد «كوينسي» في قناة السويس.
جرى اللقاء يوم 14 فبراير (شباط) في البحيرات المُرة التي تقع بين شمال القناة وبين جنوبها، وكان روزفلت عائداً من مؤتمر يالطا الذي اجتمع فيه مع الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، للنظر فيما سيكون عليه العالم في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وكان روزفلت الذي رحل بعدها بشهرين تقريباً، قد رأى أنه من المناسب أن يلتقي مع بعض قادة المنطقة، وأن يكون ذلك في طريق عودته من يالطا السوفياتية الواقعة على شاطئ البحر الأسود، وأن تضم قائمة لقاءاته الملك فاروق، والملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، وإمبراطور إثيوبيا هيلا سلاسي.
شيء من هذا يجعل زيارة روزفلت في زمانه، شبيهة بزيارة بايدن هذه الأيام، لأنه من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي في اليوم الأول للزيارة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، ومع ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، وأن يعقد قمة عربية - أميركية في اليوم التالي تضم قادة دول الخليج الست، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي.
وربما يقوم وجه شبه آخر بين الزيارة المرتقبة، وبين زيارة أخرى قام بها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي كان قد جاء يخاطب شعوب المنطقة في 2009، بل ويخاطب شعوب العالم الإسلامي من وراء المنطقة، عندما وقف تحت القبة الشهيرة في جامعة القاهرة يحيّي الحاضرين ويقول بعربية مكسرة: السلام عليكم!
وقد جاءت تطورات الأحداث المتلاحقة في المنطقة من بعدها، لتكشف عن أن «السلام» الذي بدأ به حديثه في أقدم جامعات المنطقة، لم يكن له رصيد عملي ولا غير عملي على الأرض، ولا كانت له ظلال في أركانها من أي درجة، بل كان عنفاً، ودماراً، وتخريباً، وكان ذلك كله في سياق ما يسمى الربيع العربي، الذي لم يصادف حماساً في طول المنطقة وعرضها، ولا تأييداً من طرف في العالم، كما صادف الحماس الواضح والتأييد الأوضح من إدارة أوباما في البيت الأبيض!
وهذا بالطبع موضوع آخر يطول الكلام فيه، وتتنوع تفاصيله، وتتعدد مشاهده الدامية التي تابعناها في حينها مشهداً من وراء مشهد، ولكن وجه الشبه الأكبر سوف يظل بين زيارة روزفلت في عصرها، وبين زيارة بايدن في أيامنا.
والشيء الذي يمكن ملاحظته بالعين المجردة، أن السعودية اليوم ليست بالتأكيد السعودية التي زارها روزفلت من عقود من الزمان، ولا هي طبعاً السعودية التي زارها دونالد ترمب وقت أن كان رئيساً في مكتبه البيضاوي، ولا هي السعودية التي كان أوباما يخاطبها مع غيرها من دول المنطقة من داخل جامعة القاهرة، فلقد تغيّرت السعودية ولم تعد هي السعودية التي كانت.
وتغيّرت الولايات المتحدة هي أيضاً في المقابل، ولم تعد هي الولايات المتحدة التي عرفها العالم وقت زيارة الطراد «كوينسي»، ولا هي الولايات المتحدة التي كانت أيام جورج بوش الابن، أو أوباما، ولا كذلك أيام ترمب من بعدهما.
أما السؤال الذي يتردد بيننا همساً مرة، وعلانية مرة ثانية، فهو عن الشيء الذي دفع سيد البيت الأبيض إلى التفكير في القيام بزيارة كهذه في هذا التوقيت، بينما إدارته منشغلة عن آخرها في الحرب الروسية في أوكرانيا مرة، ومأخوذة بكل اهتمامها إلى الصين ونشاطها في المحيط الهادي وغير المحيط الهادي مرة ثانية؟!
لقد قيل كلام كثير عن دوافع الزيارة، وقيل إن الملفات التي ستوضع على طاولة بايدن مع القادة العرب متعددة، وقيل إن أسعار البترول المتصاعدة بتأثير من الحرب في أوكرانيا تقف في المقدمة من دوافع زيارته، وقيل إن رغبة الولايات المتحدة في تطويق إيران وسلوكها في المنطقة من بين الدوافع، وقيل إن التأكيد الأميركي على أمن إسرائيل دافع من بين الدوافع، وإن تل أبيب ستطلب من واشنطن تمويل ما تسمى «قبة الليزر الدفاعية»، كما سبق أن موّلت لها القبة الحديدية الشهيرة، وقيل وقيل إلى آخر ما نسمعه، ونتابعه، ونقرؤه، وسنظل نسمع عنه، ونتابع، ونقرأ، من هنا إلى يوم إتمام الزيارة!
وهذا كله تقدير صحيح، أو قد يكون صحيحاً، ولكن الأصح أن البترول يحتل في الحقيقة صدارة الدوافع، وأن الإدارة الأميركية لم تجد بديلاً عن الحديث في هذه الظروف مع الرياض عن أمن الطاقة في العالم، وأن هذا راجع إلى كون العاصمة السعودية هي العاصمة رقم واحد بين العواصم في تصدير النفط. وقد تكون إدارة بايدن قد فكرت في القيام بشيء من التمويه، فدعت إلى لقاء عربي أميركي موسع في أثناء الزيارة حتى لا يبدو أن البترول هو شاغلها الأول في الزيارة، وحتى تظهر العاصمة الأميركية كأنها مهتمة بقضايا المنطقة جميعها لا بقضية الطاقة وحدها.
ربما تكون واشنطن قد فكرت بهذه الطريقة، وربما تكون قد قصدت إحداث نوع من التغطية على هدف الزيارة الأول بالنسبة لها، ولكن الواقعية السياسية تقول إن من حق الولايات المتحدة وهي تواجه ما تواجهه مع أوروبا في أوكرانيا، ثم وهي تواجه ما تجده في أسعار النفط التي تضاعفت منذ بدء الحرب قبل أربعة أشهر، أن ترتب أولوياتها في هذه الزيارة كما تراه محققاً لمصالحها.
غير أن الواقعية ذاتها تدعو العرب إلى أن يواجهوا ساكن البيت الأبيض على طاولة اللقاء العربي الأميركي المرتقب، بما يحقق مصالحهم الوطنية، وبما يدعم قضاياهم في الإقليم، وبما يعزز موقفهم في كل ملف مطروح أمامهم، وبما يلفت انتباه صانع القرار الأميركي إلى أن من واجبه أن يعطي هذه المنطقة في مقابل ما يحصل عليه منها، سواء ما كان يحصل عليه منها هو البترول في حد ذاته، أو كان المصالح الأميركية لبلاده في عمومها.
من حق الطرف العربي على طاولة اللقاء المرتقب أن يصارح بايدن والفريق المعاون له بأن الولايات المتحدة إذا كانت قد قدمت 40 مليار دولار لأوكرانيا في مواجهة الاجتياح الروسي، وإذا كان الرئيس الأميركي قد قدم ملياراً آخر من الدولارات قبل أيام، وإذا كان قد بدأ يمارس ضغوطاً لتقديم مليارات مضافة إلى الأوكرانيين، فمن حق الدول التي تضررت هنا في المنطقة من جراء «كورونا»، أو من تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، أن تجد يد العون الأميركية ممدودة إليها، وأن يتقرر ذلك بوضوح وصراحة في أثناء اللقاء.
من حق القادة العرب التسعة الذي سيجلسون مع بايدن على طاولة الاجتماع، أن يصارحوه بأن الاستقرار في هذه المنطقة من العالم هو مصلحة أميركية، بقدر ما هو مصلحة عربية، وأن الضرر الذي وقع على دول فيها بفعل وطأة الحرب في أوكرانيا، لا بد أن يجد يداً أميركية تساعد في الحد من آثاره، وفي التخفيف من عواقبه، وفي حمل بعض تكلفته.
ومن حق الطرف العربي في اللقاء أن يصارح فريق عمل الرئيس الأميركي بأن على واشنطن ألا تسكت عن سلوك إيران في الإقليم، وألا تفصل بينه وبين برنامجها النووي، وأن تمارس عليها من فنون الضغط السياسي ما تستطيعه، وهي تدعوها إلى العودة من جديد إلى طاولة التفاوض في العاصمة النمساوية، وأن يكون العرب حاضرين في أي اتفاق يتم في فيينا، لأنهم طرف أصيل في الموضوع.
من حق القادة العرب وهُم جالسون مع بايدن في الرياض حول طاولة واحدة أن يتكلموا معه منطقاً بمنطق، وأن يبادلوه واقعية سياسية بواقعية سياسية، وأن يضعوا أمامه الحقائق عارية، وأن يصارحوه بأن هذا هو وحده الذي سيضمن نجاح زيارته، وأن هذا وحده أيضاً سوف يظل يميز بين زيارته، وبين زيارة أوباما!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما سوف يكون على بايدن أن يسمعه في الرياض ما سوف يكون على بايدن أن يسمعه في الرياض



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon