بقلم - سليمان جودة
من وزير محترم لم أستأذنه فى نشر اسمه، تلقيت رسالة من سطر واحد تقول، إن مقالة كنت قد كتبتها فى هذا المكان، صباح الأحد الماضى، قد أزعجته، وأزعجت عدداً ممن رآهم، لأنها كانت تحمل فى تقديره، بعضاً من الرسائل السلبية!.
والمقالة التى أزعجت الوزير المحترم، كانت قد جاءت تحت هذا العنوان: هذا ما يخيف حقاً!.. وكنت فيها أستشهد بمعالم جمهورية أفلاطون، التى كان هذا الفيلسوف اليونانى الأكبر، قد بناها على الورق، ثم دعا الساسة من بعده إلى بنائها على الأرض، وكان رأيه أن شرط الجمهورية لتكون قوية، ليس أن تكون الحكومة قوية، كما قد تتصور حكومات كثيرة فى كل مكان.. فهذا شرط مهم مفروغ منه.. ولكن الشرط الأهم أن يكون المواطن نفسه قوياً، لأنه لا جمهورية قوية، بغير أن يكون مواطنوها أقوياء، متعلمين، أصحاء، قادرين على مواجهة أعباء الحياة، دون اقتراض من الغير، ودون مد أيديهم فى الحياة اليومية إلى طلب العون، أو الاستغاثة، أو المساعدة، فلا يظل كل واحد فيهم مأخوذاً فى معيشته بتفاصيل تستنزف قواه!.
ومما قلته، أن المواطن فى البلد حالياً، يبدو فى الغالب مُنهَكاً، مُرهَقاً، دائخاً، مُثقلاً بأعباء فوق طاقته.. ولا بد أن يثير وضع كهذا انتباه الحكومة القائمة على الأمر، بقوة، وأن تبحث فى تأثير ذلك على قدرة مثل هذا المواطن، على أن يكون سنداً لها فى معركة التنمية، وفى معارك أخرى كثيرة عليها أن تخوضها، وأن تكون الحكومة.. أىّ حكومة وليس حكومة الدكتور مصطفى مدبولى بالضرورة.. معنية بالتخفيف عن مواطنيها، قدر إمكانها، بدلاً من إضافة أعباء جديدة فوق كاهلهم، فى صورة التزامات مُضافة عليهم، أو فى صورة رسوم، أو ضرائب، أو ارتفاعات أسعار لا تتوقف!.
هذا كل ما أريده، وهذا كل ما أشرت إليه فى المقالة المزعجة، ولم أكن بالطبع أريدها مزعجة، ولم أتعمد بالطبع أيضاً تحميلها بأى رسائل سلبية من أى نوع.. إننى أردت بها، ولا أزال، أن تقترب الحكومة ومعها أجهزة الدولة المعنية، بقدر أكبر، من واقع غالبية الناس على حقيقته، وكما هو، دون رتوش، ودون تزيين، من نوع ما يقدمه الإعلام فى الكثير من منصاته هذه الأيام!.
لست متشائماً، ولا أتمنى.. ولست سلبياً، ولا أرغب.. ولكنى أتحرك بين الناس، وأرى واقعهم كما يعيشونه، وهو واقع بلغ من الصعوبة حداً أخشى أن يكون بيئة مناسبة، وتربة خصبة، للذين يعملون ضد صالح البلد بنفَس طويل، وعلى المدى البعيد!.
أريد أن أقطع عليهم الطريق.. لا أكثر من هذا ولا أقل.. وعندى أمل أن تكون الصورة أوضح أمام الوزير المحترم الذى أرسل يعاتبنى!.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع