توقيت القاهرة المحلي 20:07:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

3 شخصيات حاكمة مصيرها واحد!

  مصر اليوم -

3 شخصيات حاكمة مصيرها واحد

بقلم: سليمان جودة

كان الكاتب الإيطالي لويجي بيراندلو هو الذي نشر مسرحية «ست شخصيات تبحث عن مؤلف» في عام 1921، وكانت هذه المسرحية هي التي حققت له من الشهرة ما لم تحققها له أي مسرحية أخرى من مسرحياته.

ولا يزال اسمه مرتبطاً بهذه المسرحية بالذات، فلا يذكره أحد إلا ويذكرها معه، بالضبط كما تَذكر الطيب صالح مثلاً فتذكر «موسم الهجرة إلى الشمال» على الفور، أو تَذكر يحيي حقي فتذكر «قنديل أم هاشم» من دون سواها من أعماله الكثيرة. وكانت «ست شخصيات تبحث عن مؤلف» من نوع المسرح العبثي الذي بدأ في الشيوع في تلك الفترة من القرن العشرين، ثم إلى فترة ممتدة بعدها، وكانت الفكرة الأساسية فيها تبدأ من العلاقة بين المؤلف وبين شخصيات أعماله وتنتهي عندها، وهي فكرة قائمة لدى كل مؤلف يكتب الأدب، وتظل تختلف في درجة حدتها من مؤلف إلى آخر، ولا فارق بين أن يكون المؤلف روائياً أو يكون مسرحياً مثل بيراندلو.

ولا يمكن أن تتابع تطورات الحرب على قطاع غزة وهي في شهرها التاسع، إلا وتجد أن الفكرة في مسرحية بيراندلو حاضرة أمامك، أو أن هذا ما وجدته من ناحيتي على الأقل، وهذا أيضاً ما لا أزال أجده كلما راجعت الأسباب التي تدعو إسرائيل إلى مواصلة حربها الوحشية كل هذه الأشهر.

ففي تل أبيب ثلاث شخصيات تنفخ في نار الحرب كلما لاحت أي فرصة لوقفها، وتقذف إليها بالمزيد من الوقود كلما ظهر أن مبادرة من مبادرات إطفاء نارها توشك أن تنجح، وتصب عليها ما يزيدها اشتعالاً كلما خمدت أو كادت تخمد.

هذه الشخصيات الثلاث هي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. والثلاثة يؤلفون التحالف الذي يحكم، ويمضون به في كل اتجاه وأي اتجاه، إلا أن يكون هذا الاتجاه هو وقف هذه المقتلة التي لا تريد أن تستثني شيخاً، ولا امرأةً، ولا طفلاً في أنحاء القطاع.

وقد تخيلت كثيراً لو أن هذه الشخصيات الثلاث تتحرك داخل عمل على شاكلة «ست شخصيات تبحث عن مؤلف» وتساءلت بيني وبين نفسي عما كان بيراندلو سوف يفعله معها، وهل كان سيصبر إلى آخر العمل ليتخلص منها وإلى الأبد؟ ومن شدة ارتباط كل واحد من الثلاثة بالاثنين الآخرين، فإن هذا في حد ذاته كان سيسهّل المهمة على المؤلف كثيراً؛ لأن طرد واحد منهم يكفي لطرد الاثنين المتبقيين، ولأن إسقاط شخص من بينهم كفيل بإسقاط زميليه من دون مقدمات، ولأن أحدهم إذا فكر في الذهاب فسوف يأخذ معه رفيقيه وهو يغلق من ورائه الباب.

نتنياهو يعرف أن بقاءه على رأس الحكومة مرهون ببقاء هذين الاثنين معه، ويعرف إن انسحاب أحدهما معناه أن التحالف الحاكم يفقد الأغلبية في الكنيست، وبالتالي تسقط الحكومة ويصبح على إسرائيل أن تذهب إلى انتخابات جديدة، وهي انتخابات لا تضمن عودة كتلة الليكود إلى الحكم، ولا عودة نتنياهو التي يرأسها بالتالي.

وهذه من المرات النادرة التي تكتشف فيها شخصيات ثلاث حاكمة في تل أبيب أن مصيرها واحد، وأنها إما أن تبقى معاً أو تغادر معاً، ولو توقف الأمر عند هذا الحد لهان، ولكن المعضلة الكبرى أن رئيس الحكومة مستعد لفعل أي شيء في سبيل أن يبقى، ولأنه كذلك، فإن بن غفير وسموتريتش يوظفان ذلك لصالحهما على أسوأ ما يكون التوظيف السياسي المغرض، ويتلاعبان برئيس الوزراء كما يحبان.

كم من مرة أعلن بن غفير بالذات أنه سيترك التحالف إذا لم يفعل رئيس الحكومة كذا وكذا، فلا يملك رئيس الحكومة إلا أن يفعل كذا وكذا بالضبط فلا يتباطأ ولا يتلكأ؛ لأنه يعرف أن عدم فعل كذا وكذا معناه الذهاب عن رئاسة الحكومة، وهذا آخر شيء يتخيله أو يتحمله، ولا نهاية لما يمكن أن يغامر به من موقعه كرئيس حكومة في سبيل ألا يذهب.

السؤال المهم هو كالآتي: هل هذه الشخصيات الثلاث تعبير عن تطرف شخصي لدى كل شخصية منها، أم أنها تعبير عن تيار سياسي من لونها في الدولة العبرية؟ وبمعنى آخر، هل إذا ذهبت إلى انتخابات سوف تسقط، أم أن تياراتها المتشددة مثلها سوف تحملها للحكومة من جديد، أو تحمل آخرين من اللون السياسي ذاته؟

أتخيل الشخصيات الثلاث في عمل من نوع «ست شخصيات تبحث عن مؤلف» وأتخيل المؤلف وهو يُقصيهم عند أول فرصة تسنح أمامه، فلا يشعر إلا بما يشعر به الغريق إذا بلغ الشاطئ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

3 شخصيات حاكمة مصيرها واحد 3 شخصيات حاكمة مصيرها واحد



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon