بقلم - سليمان جودة
لا أرى مبرراً للقلق الظاهر هذه الأيام، حول قرار منح الجنسية المصرية لكل أجنبى راغب فيها، إذا أودع مبلغاً محدداً فى البنك، لا لشىء إلا لأننا لسنا وحدنا البلد الذى فعل ذلك، أو سوف يفعله.. فبلاد كثيرة سبقتنا فى الاتجاه ذاته، وهناك بالتأكيد بلاد أخرى سوف تلحق بنا!. اليونان على سبيل المثال.. وهى بلد على مرمى حجر منا.. فعلت ذلك ولاتزال تفعل، والقضية بالطبع ليست فى أنها على مرمى حجر، أو حتى على مرمى جبل، ولا القضية فى أنها على مسافة ساعة ونصف بالطائرة، أو أقل، ولكن القضية فى أنها بلد عضو فى الاتحاد الأوروبى بجلالة قدره!.
والمعنى أنها إذا كانت تمنح جنسيتها للذى يشترى وحدة سكنية بمبلغ معين على أرضها.. وهذا يحدث فعلاً.. فإنها تمنحه مع الجنسية حقه فى أن يصبح مواطناً أوروبياً، وليس مواطناً يونانياً وحسب، بكل ما يمكن أن يحصل عليه الشخص فى مثل هذه الحالة من مزايا أخرى!.
والفكرة فى الموضوع كله أن الدول من حولنا تتفنن فى البحث عن وسائل تجذب بها الاستثمار إلى أرضها، فإذا كان منح الجنسية من بين هذه الوسائل فإنها لا تتردد فى الأخذ بها، ولا فى تطبيقها على الفور، ولا فى الذهاب إليها من أقصر طريق!.
وعندما تقرر اليونان منحك جنسيتها، فى مقابل أشياء معلومة تطلبها منك، فهى لا تذهب إلى مثل هذه الخطوة عشوائياً، ولكنها تضع لها الضوابط الكافية، التى تجعل منها خطوة محسوبة فى عائدها، وفى حصيلتها، وفى آفاقها البعيدة!.
ولايزال الاستثمار مثل عصفور يطير بين مختلف الأشجار، ثم لا يحط إلا على الشجرة التى يختارها ويراها جاذبة له، لا طاردة.. مريحة لا مزعجة.. آمنة لا مُقلقة.. فإذا طار ووجد نفسه مُخيراً بين اليونان، مثلاً، وبين تركيا المجاورة لها، وعرف فى الوقت نفسه أن اليونانيين يمنحونه ما لا يمنحه إياه الأتراك، فلن يتردد فى الهبوط على الشجرة اليونانية لأن فيها من المزايا ما ليس على الجانب التركى المقابل!.
والمهم أن يكون قرار الحكومة المصرية فى هذا الشأن قراراً محسوباً بشكل جيد، وليس قفزة فى الهواء، ولا حتى أن يكون تقليداً لدول أخرى، لأن اليونان عندما أخذت قرارها كانت قد حسبت حسبتها تماماً، ونريد بالطبع أن نعرف كيف حسبت حكومتنا حسبتنا!.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع