بقلم - سليمان جودة
ذات يوم.. جاءت سيدة عربية إلى مستشفى ٥٧ تعرض أن تُنشئ مبنى سكنياً، يقيم فيه مَنْ يحب من أهالى الأطفال المرضى، وكان لها شرط واحد هو أن تتولى إقامة المبنى بنفسها، بعد أن تحدد الإدارة مكانه، ومواصفاته، وحجمه، وأبعاده المختلفة!.
وكان الرد: نأسف.. لا نريد مبنى.. نريد مالاً!.
وكانت النتيجة أنها صرفت النظر نهائياً عن الموضوع، وقالت لمَنْ طلب منها الفلوس بدلاً من المبنى: لا مبنى.. ولا فلوس.. عليكم السلام!.
هذه قصة حقيقية أعرفها منذ سنوات، وأعرف صاحبتها التى لم أستأذنها فى ذكر اسمها، وأعرف أنها لا تزال تحكى القصة كلما كانت هناك مناسبة.. تحكيها مع الكثير من الأسى على الطريقة التى تفكر بها إدارة فى مستشفى يعالج وجع الأطفال!.
والمؤكد أن ما حدث معها تكرر بالطبع مع غيرها، فالإدارة التى لم تشأ أن ترى فى تلك السيدة العربية غير الفلوس، سوف لا ترى فى سواها غير الفلوس أيضاً، وسوف لا ترى فى كل شخص يعرض المساعدة، سوى المال فى جيبه، وسوى قدرته على أن يجلب المال لها.. المال وفقط!.
فما المعنى؟!.. المعنى أن المستشفى فى حاجة إلى إدارة جديدة، تعمل تحت رقابة حقيقية.. إدارة ترى فى ٥٧ مشروعاً لعلاج الأطفال، وليس منصة لجمع الفلوس.. إدارة تراعى آلام الصغار وتحترمها، فلا تتاجر بها على الملأ فوق الشاشات!.. إدارة تلتفت إلى أن مال المستشفى مال عام له قدسية كاملة، سواء كان قرشاً واحداً، أو كان مليوناً من الجنيهات!.
إن اللجنة المكلفة من الوزيرة غادة والى، انتهت، أمس، من فحص أوراق المستشفى، وقد وعدت السيدة الوزيرة بإعلان نتائج عمل اللجنة بشفافية كاملة، ووعدت بإطلاع الرأى العام خلال أيام معدودة على كل صغيرة وكبيرة فى ٥٧، ووعدت فى رسالتها المنشورة فى هذا المكان، صباح أمس، بعدم إخفاء أى مخالفات عن الناس!.. وأياً كانت النتيجة التى ستخرج بها اللجنة علينا، فإن الشىء المؤكد أن المستشفى ليس فى حاجة إلى شىء فى هذه اللحظة، قدر حاجته إلى إبعاد الإدارة الحالية عنه سريعاً.. إبعاد هذه الإدارة مطلوب بسرعة، مع محاسبتها طبعاً على كل قرش جرى إنفاقه فى غير مكانه.. إبعادها ضرورة إذا كنا نريد الإبقاء على هذا الكيان، وإذا كنا حقاً نريد العودة به الى الطريق الصحيح الذى بدأ عليه!.. المستشفى فى حاجة إلى إدارة لا تجعل البلد فُرجة مُخجلة على الشاشة فى رمضان!.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع