بقلم سليمان جودة
تواجه الليرة التركية وضعاً صعباً أمام الدولار منذ فترة، ولكن وضعها ليس طبعاً فى صعوبة الجنيه أمام العملة الأمريكية نفسها!
فالليرة فى أنقرة فقدت 20٪ من قيمتها أمام الدولار، ولكن الجنيه فقد مائة فى المائة من قيمته بعد إطلاق سعره، عنه قبل الإطلاق!
ومع أن خسارة الليرة فى تركيا تظل محدودة للغاية، إذا ما قورنت بخسارة الجنيه، إلا أن وضعها المتراجع كعملة رسمية للبلاد، كان ولايزال يؤرق الرئيس التركى ولا يجعله ينام!
وفى كل مرة خرج فيها على الأتراك، كان ولايزال يدعوهم إلى إخراج ما عندهم من دولارات، من تحت الوسادة، وتحويلها إلى ليرات!
ويبدو أن الأتراك يخبئون فلوسهم تحت الوسادة، كما يخبئ المصريون الفلوس تحت البلاطة!
ويبدو كذلك أن دعوة رئيس تركيا لمواطنيه لم تكن كافية، ولا مقنعة، لأن الدولارات ظلت فى مكانها تحت الوسادة، وهو وضع أصبح يؤرق الأتراك العاديين، من آحاد المواطنين، أكثر ربما مما يؤرق الرئيس نفسه فى منامه، وفى يقظته!
وكان أن انتقلت المعركة مع الدولارات المخبأة من عند الرئيس إلى عموم المواطنين، فانطلقت دعوات شعبية طريفة، بقدر ما هى جادة، فى اتجاه حصار الدولار!
وقبل أيام، كانت صحيفة الشرق الأوسط، التى تصدر فى لندن، قد نشرت تقريراً عن الجانب الطريف فى الموضوع!
ومن بين وجوه الطرافة، مثلاً، أن محال للحلاقة فى العاصمة التركية، قد رصدت حلاقة مجانية، لمرة واحدة، لكل مواطن يأتى بما يثبت أنه قد حوَّل 300 دولار إلى ليرات!
وقد راح الوعى الشعبى يتسابق فى هذا الاتجاه.. فأعلنت شركة كبرى للسجاد أنها ستمنح ستة أمتار من أجود الأنواع، مجاناً، لكل تركى يحوِّل مبلغاً محدداً من الدولار إلى الليرة!
وقالت شركة من شركات النقل الداخلى الكبيرة، إنها سوف تتيح النقل المجانى، لعدد من المرات، لكل واحد هناك يقوم بتحويل بعض دولاراته إلى ليرات!
ووصل الأمر إلى الشركات التى تصنع شواهد القبور، فدخلت هى الأخرى على الخط، وراحت تعدد مزايا التحويل من هذا النوع، وتزينه على مستواها، أمام عين كل مواطن يفضِّـل الليرة على الدولار!
المعركة مع الدولار معركة شعب، بقدر ما هى معركة حكومة، ولكنها تظل محكومة بين القاهرة وأنقرة بشيئين: مساحة الثقة من جانب المواطن فى الدولة، ثم حجم الوعى لدى الناس!