بقلم سليمان جودة
إذا سألتنى عن شىء حقيقى، أتمناه بصدق، فى هذه اللحظة، فهذا الشىء هو أن يصل المعنى الذى سوف أشير إليه فى هذه السطور إلى الرئيس، ليس لأنى أريد أن أثقل الرئيس بكل شىء فى البلد، وإنما لأن الفكرة التى سوف أكشف عنها حالاً لم تنجح فى بلدها إلا عندما تبناها قائد البلد هناك.. وإلا عندما بادر بها هو، وتمسك بتنفيذها هو، وتابعها فى كل أحوالها هو!
تعرفون بالطبع أن الرئيس دعا أول حكومة له إلى أداء اليمين الدستورية أمامه، فى السابعة صباحاً، وتذكرون طبعاً أن الغالبية منا قد استيقظت من نومها، فى ذلك اليوم، لتكتشف أن أعضاء الحكومة الجديدة قد أدوا يمينهم أمام الرئيس، وأنهم فى مكاتبهم يباشرون أعمالهم!
وقد كان تقديرى، ولايزال، أن الرئيس حين دعا أول حكومة تعمل معه إلى أن تكون حاضرة فى القصر الرئاسى، فى هذا الوقت المبكر من الصباح، كان يريد أن يؤسس لشىء مختلف فى عصره، وهذا الشىء هو أن تعلو قيمة العمل على كل قيمة سواها، وهى لن تعلو إلا إذا أخذناها بجد، ولن نأخذها بجد، إلا إذا آمنا عن يقين بأن العمل الذى لا يبدأ من أول النهار ليس عملاً، وبأن العمل الذى يبدأ بينما الشمس فى وسط السماء ليس عملاً، وبأن العمل الذى يبدأ مع شروق الشمس، بل قبل شروقها، هو العمل الحقيقى، وهو العمل المنتج، مع وضع مائة خط، بكل ألوان الدنيا، تحت كلمة «منتج».. إننى أريدك أن تنتبه إلى أن العمل إذا لم يكن منتجاً، وإذا لم يكن سوف يضيف طوبة حقيقية فى بناء بلدنا، فهو ليس عملاً.. قد يكون حركة فى مكانه.. ولكنه ليس عملاً منتجاً.. وقد يكون صخباً فى الأجواء من حوله، ولكنه ليس عملاً منتجاً.. وقد يكون ضجيجاً فى الفضاءات من حوله، ولكنه ليس عملاً منتجاً.
لماذا أقول هذا كله؟!.. أقوله لأن «معنى» حكومة السابعة صباحاً لم يتحقق بيننا بعد رغم حاجتنا الشديدة إليه.. أقوله لأن الخلاف الحاصل حالياً بين الحكومة وبين مجلس النواب، حول التوقيت الصيفى، كان لابد أن يكون له هدف أبعد.. أقوله لأن هذا الخلاف بين الطرفين كان لابد أن يسعى لأن يضيف ساعة أو أكثر إلى ساعات العمل.. أقوله لأن مهاتير محمد لما تولى أمر ماليزيا لاحظ أن المسافة الزمنية بين أذان الفجر وشروق الشمس بعيدة، وأن المواطن فى بلده يصلى الفجر، ثم ينام، ثم يستيقظ مرة أخرى، ليذهب إلى عمله، وأن ذلك يؤخره، وأنه يؤثر سلباً على ساعات العمل، ويبدد الكثير منها، ويسحب من مدى إنتاجيتها، وأن البلد فى مرحلة لا تسمح بإضاعة ساعة واحدة فى غير العمل.. فماذا فعل مهاتير؟!
راح يراجع التوقيت ويعدِّل فيه، ويقرِّب بين الفجر والشروق من أجل هدف واحد.. وتلك حكاية أخرى أعود إليها بإذن الله، لأننا أحوج الناس إليها، ولأنها لن يكون لها عائد بيننا، ولن يكون لها حصيلة بالموجب، فى حجم إنتاج بلدنا، إلا إذا فرضها الرئيس على الناس فرضاً، من فوق!