سليمان جودة
لا أعرف حقيقة الانطباع الذى عاد به البرلمانيون العرب إلى بلادهم، بعد أن رأوا بأعينهم كيف أن الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، قد راح يهيل التراب فى شرم على اللغة العربية، وينطقها بمستوى محزن حقاً.. لا أعرف.
ولكن المؤكد أن كل واحد فيهم قد عاد إلى بلده ولسان حاله يقول إن مستوى رئيس برلمان مصر، فى لغة وطنه، يبدو نشازاً للغاية فى بلد الأزهر، ومجمع اللغة العربية، ودار العلوم معاً!
أما المصريون الذين تابعوا احتفالية شرم، بمرور 150 عاماً على بدء الحياة البرلمانية فى بلدنا، فلابد أنهم قد انشغلوا بأمر آخر، ولابد أنهم قد تساءلوا، ولا يزالون يتساءلون، على حساب من بالضبط سافر الذين سافروا وعادوا؟!.. هل سافر كل نائب ثم عاد من جيبه، أم فعل ذلك من جيب كل مواطن يبحث عن كيلو سكر فى بيته فلا يجده؟!
التحية واجبة طبعاً لنواب مجموعة 25- 30 الذين صمموا على أن يدفعوا تكاليف مشاركتهم فى الاحتفالية، فكانوا بحق نموذجا فى الحرص على المال العام.
أما أن ننظم احتفالية بلا قيمة، من نوع ما حدث، فى وقت نقول فيه للناس إن البلد فى أزمة، وإن الدولار شح فى الأسواق، وإن التقشف فى الإنفاق العام أمر واجب، فهو فى الحقيقة ضحك على الذقون، وهو يدل على أن الكلام الموجه للمواطنين البؤساء شىء بينما الفعل شىء آخر تماماً!
إننى أفهم أن ننظم احتفالية فى العيد الفضى، أو الذهبى، أو الماسى لبدء حياتنا البرلمانية، وأفهم أن ننظم احتفالية فى ذكرى مرور مائة عام، أو مائتين، أو ثلاثمائة سنة... أفهم ذلك، ويفهمه غيرى بالضرورة، وندعو إليه، ونشجعه، ونسانده.. ولكن أن نختلق مناسبة من لا مناسبة، وأن يكون الاحتفال بمرور 150 عاما، وأن يكون الاحتفال بحجم البهرجة التى رأيناها، وتابعناها، فليس له معنى إلا أننا لا نجد شيئاً جاداً نفعله، وأن فكرة وقف الإنفاق العام على الضرورات، والضرورات وحدها، غائبة تماماً، وأن المال العام مستباح إلى حدود مذهلة، وأننا فى حاجة إلى أن نراجع بنود إنفاقه جذرياً، وألا يجرى إنفاق جنيه واحد منه إلا فى مكانه الصحيح!
يتحدث الرئيس فى موضوع الفكة فيصادف حديثة صدى طيباً لدى كل مواطن محب لبلده، ثم تأتى احتفالية من نوعية احتفالية شرم فتبدد كل أثر لحديث الرئيس!.