بقلم : سليمان جودة
أدعو المجلس الأعلى للإعلام الى أن يتلقف هذه الفكرة من صاحبها، وأن يسارع إلى تجسيدها فى كيان يتمتع بالاستقلالية الكافية، لعلنا نستطيع من خلاله أن نعرف ماذا يشاهد المواطن وماذا لا يشاهد؟!.. أما الفكرة فهى إنشاء مركز مستقل لقياس نسب المشاهدة فى التليفزيون.. وربما أيضاً قياس نسب القراءة فى الصحف.. وأما صاحبها الذى ألقاها إلى المجلس فهو الدكتور سامى عبدالعزيز!
وكنت قد أشرت فى هذا المكان، صباح أمس، إلى أن ما يقال عن أن هذا العمل الفنى قد حقق نسبة عالية من المشاهدة فى رمضان، وأن ذاك العمل الفنى أيضاً لم يحقق نسبة عالية فى المقابل، إنما يقال على سبيل التخمينات والتوقعات والتقديرات، وأحياناً على سبيل المجاملات.. ولا شىء آخر!.. وتكون النتيجة أننا نتحرك على خريطة الإعلام بعيون معصوبة لا ترى ماذا أمامها؟!
الدكتور سامى يقول فى رسالة منه، أنه سابقاً كان قد اقترح على المجلس الأعلى إنشاء مجلس مستقل، يتولى قياس نسب المشاهدة بطريقتين، إحداهما الاستبيانات الموحدة التى تجرى بين المشاهدين تليفونياً.. والثانية تعتمد على وسيلة حديثة اسمها tv meter وبها يمكن رصد عينة محددة من المشاهدين، والتعرف بدقة على المادة الفنية أو الإعلامية التى جلس أمامها كل مشاهد من أفراد هذه العينة ولأى وقت بالضبط شاهد وجلس!
وكان الاقتراح أن يتولى جهاز الإحصاء اختيار أفراد العينة بنفسه، وساعتها سوف نضع أيدينا بوضوح على المسلسلات والبرامج التى شاهدها الناس، وبأى نسبة من المشاهدة على وجه التحديد، وسوف نتعرف على القنوات التى هى محل إقبال، وكذلك سوف نتعرف على العكس، وسوف يكون هذا كله هادياً إلى التعرف على معالم طريق الإعلام وملامحه!
وسوف يتوجه المعلن إلى المساحات التى يضمن من خلالها مخاطبة النسبة الأعلى من المشاهدين، وسوف تستطيع القنوات أن تحدد أجور مقدمى البرامج على أساس علمى، فلا يعتمد الأمر على الأجر الجزافى الذى يعرفه إعلامنا ولا يفكر فى سواه!
والقصد فى كل الأحوال أن نشتغل إعلاماً كما يقول الكتاب، لأن إعلام الدنيا من حولنا يفعل هذا ويطبقه، ولأن إعلاماً لا يفعله ولا يطبقه، لن يصل إلى أهدافه التى يخطط لها.. ونحن نريد إعلاماً لا يصل فقط إلى مشاهديه، ولكن يؤثر فيهم ويرسخ رسالته التى يحملها إليهم عن عمد!
نريد إعلاماً يرى المشاهد، وبالتالى يصل إليه من أقصر طريق.. نريد إعلاماً يصل ومعه «الرسالة» التى ينطوى عليها مضمونه إلى مُشاهد يراه.. ولن يراه إلا من خلال مركز من النوع المشار إليه أعلاه!