بقلم : سليمان جودة
كان اللواء حسن أبوباشا هو وزير الداخلية الذى أشرف على الإعداد لأول انتخابات برلمان، جرت مع مجىء حسنى مبارك إلى الحكم!
وقد روى أبوباشا، يرحمه الله، القصة كاملة فى مذكراته المهمة التى صدرت عن دار الهلال تحت هذا العنوان: «فى الأمن والسياسة»!
ولاتزال المذكرات صالحة للقراءة فى كل زمان، لأن فيها الكثير من الدروس، ولأن صاحبها كتبها بروح سياسية عالية، ولأن الذى كتب مقدمتها هو الأستاذ خالد محمد خالد!
وفيها يروى أنه أجرى من مكتبه ما يشبه الاستطلاع، عن الفرص التى تنتظر مختلف القوى السياسية عند إعلان النتيجة، وفى مقدمة تلك القوى السياسية كان الحزب الوطنى يتجه إلى الفوز بنصيب الأسد!
وحين سمع فؤاد محيى الدين، رئيس الوزراء، بالاستطلاع، دعا مجلس الوزراء إلى اجتماع برئاسته، ثم دعا الوزير أبوباشا إلى أن يأتى ليتكلم أمام المجلس عن استعدادات الانتخابات، وأيضاً عن تفاصيل استطلاع كانت أنباء عنه قد تسربت فى أكثر من اتجاه!
وفى الاجتماع أنصت الجميع، بمن فيهم محيى الدين، إلى ما يقوله وزير الداخلية المسؤول، إلى أن جاء الوزير عند الصفحة التى قرأ فيها، من تقرير كان أمامه، أن المتوقع هو حصول الحزب الوطنى على ٧٥٪ من مقاعد البرلمان، وأن أحزاب المعارضة سوف تحصل على النسبة الباقية!
عندها.. فوجئ الوزير، وفوجئ الحاضرون معه، بأن رئيس الوزراء قد استدار بالكرسى إلى الحائط، معطياً ظهره لوزير داخليته، وللباقين من الوزراء الحضور!
وكان المعنى الواضح أن فؤاد محيى الدين يرفض ما يقوله وزير الداخلية، ويرفض سماعه، ولم يجد وسيلة للتعبير عن رفضه سوى أن يعطى وجهه إلى الجدار!
وحين اعتدل فى جلسته، توجه بالكلام إلى وزير الداخلية فقال ما معناه إنه كرئيس وزراء لن يقبل للحزب الوطنى بأقل من ٩٩٪ من المقاعد.. لا أقل من ذلك.. ولا مانع طبعاً من أن تكون النسبة أعلى!
ولم يجد أبوباشا شيئاً يقوله!
وجرت الانتخابات وكانت نتيجتها قريبة مما توقعه الوزير.. ولم يحدث شىء فى الدنيا.. ولا كانت نهاية العالم.. وكان برلماناً من أفضل البرلمانات!
فإذا قفزنا إلى انتخاباتنا التى تنتهى أيامها الثلاثة، اليوم، قلنا إن الطريقة التى كان محيى الدين يفكر بها، لم تعد مقبولة، ولم يعد لها مكان.. صحيح أنها كانت انتخابات برلمان، وأننا ننتخب للرئاسة.. ولكنها فى النهاية انتخابات.. ففى إمكان الرئيس السيسى، كمرشح رئاسى، أن يفوز بنسبة من الأصوات، دون النسبة التى أرادها محيى الدين، بكثير، ثم يكون فوزاً كامل الأركان نُهنئه عليه!.
نقًلا عن المصري اليوم