بقلم سليمان جودة
تصرفت مصر كدولة كبيرة، حين أعلنت منذ اللحظة الأولى أنها تؤيد أن يكون المرشح السعودى يوسف العثيمين أميناً عاماً لمنظمة التعاون الإسلامى خلفاً للأمين العام المستقيل إياد مدنى.
تصرفت مصر كدولة كبيرة، لأنها من خلال إعلانها التأييد المبكر للمرشح الجديد أرادت أن تقول إنها عندما اعترضت بشدة على ما بدر من الأمين العام المستقيل كانت تفرّق تماماً بين ما صدر عنه، فى حق رئيسها، وبين كونه مواطناً سعودياً، وإن بلده، بالتالى، لا يمكن أن يتحمل عواقب ما صدر عنه خالياً من أى لياقة، فالمفهوم أن منظمة التعاون الإسلامى ليست منظمة سعودية، وأنها عابرة لحدود السعودية إلى كل بلد إسلامى.
تصرفت مصر كدولة كبيرة لأنها بتأييدها التام للأمين العام الجديد قد أرادت أن تقطع الطريق على كل الذين بادروا إلى استغلال ما صدر عن «مدنى» لإفساد ما بين القاهرة وبين الرياض.. وما أكثرهم بكل أسف، هذه الأيام، وما أشد ما يتصفون به من جهل، ومن حماقة!
تصرفت مصر كدولة كبيرة، لأنها أرادت أن تقول للذين راحوا يصطادون فى ماء الواقعة العكر عبارة واحدة، هى: موتوا بغيظكم!
تصرفت مصر كدولة كبيرة، لأنها أرادت أن تقول لبعض الذين تناولوا ما جرى على لسان «مدنى» فى تونس فانحدروا إلى الهجوم على بلده، بدلاً من تناول شخصه، إن هذا لا يجوز!
تصرفت مصر كدولة كبيرة، لأنها رأت أن تبعث برسالة للجميع، مفادها أن ما بينها وبين السعودية لا يهتز أمام عبارة منفلتة، صدرت عن رجل لم يتصرف فى تونس كرجل مسؤول!
تصرفت مصر على هذا النحو، لتقول إنها دولة كبيرة فى كل أحوالها، وإن من شأن الدول الكبيرة ألا تسمح للفيس بوك أن يجرها وراءه، بكل ما يموج به من هذيان، ومن سوء أدب!
ثم يبقى أن نقول إن استقالة «مدنى» سوف تظل فى حسابه، بقدر ما كان تصرفه غير اللائق، فى تونس، خصماً من حسابه كمسؤول، لابد أن يختار الكلمة قبل أن ينطق بها!
وقد كنت أرجو أن تمتد شجاعة الاستقالة التى بادر بها إلى البيان الذى صدر عن أمانته العامة، لأن البيان عندما يقول إن الاستقالة جاءت لأسباب صحية، فهذه ليست أمانة مع الناس.. إذ الصحيح أنها أسباب سياسية خالصة فى الأول، وفى الآخر، لا صحية أبداً!