بقلم: سليمان جودة
كان الفنان فاروق حسنى هو الذى نبهنى إلى كتاب «مسارات متقاطعة.. حوارات بين الصحافة والسياسة»، للزميلة الكاتبة زينب عبدالرازق. أما الكتاب فصدر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، وأما محتواه فيقوم على ١١ حوارًا مع ١١ شخصية بارزة فى السياسة والصحافة، وأما الفترة الزمنية التى جرت فيها الحوارات فهى من ١٩٩٤ إلى ٢٠١٢.
ولأن الحوارات جرى نشرها فى البداية على صفحات مجلة «نصف الدنيا»، حيث كانت الكاتبة تعمل، فلقد كان من الطبيعى أن تقدم للكتاب الأستاذة سناء البيسى، التى أسست المجلة، وكانت أول رئيس تحرير لها، وكان من الطبيعى أيضًا أن تصف تلميذتها زينب عبدالرازق بالكثير.. ولكنى لم أجد أجمل من هذه العبارة فى وصف التلميذة على لسان الأستاذة.. قالت: «شخصية شفافة إلى حد أنك تستطيع أن ترى من خلالها من شدة نقائها».
الشخصيات الإحدى عشرة هى: (مصطفى أمين، خالد محيى الدين، حسين الشافعى، رشاد مهنا، سلامة أحمد سلامة، ثروت عكاشة، محمد حسنين هيكل، أمين هويدى، فؤاد سراج الدين، عوض المر، فاروق حسنى).
وعندما واجهت الكاتبة حيرة فى ترتيب الشخصيات فى الكتاب، لم تجد أفضل من الترتيب حسب النشر فى المجلة، وإذا كانت هى قد أجرت ١١ حوارًا على مدى مساحة زمنية طولها ١٨ سنة، فهذه إشارة كافية إلى مدى الجهد المبذول فى الحوارات.. فكأنها كانت تنجز حوارًا كل سنة ونصف السنة، وكأن كل فصل من الفصول هو كتاب فى حد ذاته.
لم أكن أعرف إلا من الكتاب أن الفنان فاروق حسنى من عشاق قيثارة السماء، الشيخ محمد رفعت، وأن هذا العشق يلازمه منذ الطفولة.. يقول عن الشيخ رفعت: لديه قدرة عظيمة على تلحين صوته، وترتيله يساعد المتلقى على تذوق جلال القرآن الكريم، وكلما سمعته فإن صوته يذكرنى بزئير الأسد، وقد حفظت أجزاء كبيرة من القرآن من خلال الإنصات إليه.
ولا كنت أعرف أن فكرة «التصالح» كانت محور برنامج عمل وزير الثقافة الأسبق عندما خاض السباق إلى رئاسة منظمة اليونسكو فى باريس.. ولم يكن التصالح عنده مجرد شعار يرفعه، ولكنه كان كالتالى: «تصالح الأديان والثقافات والحضارات، تصالح الإنسان مع البيئة والمناخ الذى يعانى بشدة من حياة البشر، وإذا لم نتصالح مع الكون فلا مستقبل للإنسان».
علينا أن نلاحظ أن الحوار جرى فى أول نوفمبر ٢٠٠٩، ولم نكن وقتها نسمع عن تغيرات المناخ التى صارت موضوعًا فى كل محفل، وأصبحت سببًا لمعاناة عالمية كبيرة، ولكن ذائقة الفنان العالية لدى فاروق حسنى هى التى جعلته يقرأ ذلك مبكرًا من ١٥ سنة.
ما ذكرته عن الكتاب مثل قطرة فى بحر، ومن القطرة تستطيع أن تتعرف على مذاق البحر من الشاطئ إلى الشاطئ.