بقلم سليمان جودة
يحتاج القرار الذى اتخذه الدكتور جابر نصار إلى دعم كل صاحب رأى فى البلد، وإلى مساندة من كل صاحب موقف.
القرار هو إلغاء خانة الديانة من كل الأوراق التى تتعامل بها جامعة القاهرة، بحيث لا تعرف أنت من أى ورقة رسمية صادرة عن الجامعة ما إذا كان صاحبها مسلماً أو قبطياً، ولكن المؤكد أنك ستعرف أن صاحب الورقة «مصرى».. وهذا هو المطلوب تماماً.. بل هذا فقط هو ما نريده.
والمؤكد أيضاً أن ديانة كل مواطن هى فى قلبه، قبل أن تكون فى ورقة أمامه، أو فوق لسانه، وليس مطلوباً ولا مقبولاً من أحد أن يفتش عن ديانة الآخر، أو أن يتلصص عليها، لأنها مسألة تخصه بمفرده، ولأن دينه أمر بينه وبين الله تعالى وحده، ولأنه لا يجوز أن يتداخل طرف ثالث فيما بين العبد وبين الرب، فى أمور الدين كلها!
قرار رئيس كبرى جامعات الوطن يظل فى اتجاه دعم «مصرية» كل مواطن، وهذا بالضبط هو ما يتعين أن نظل نعمل عليه طول الوقت، لأن مصريتك ومصريتى ومصرية أى إنسان يحمل جنسية هذا البلد إنما تعلو على كل ما عداها، ولأننا تاريخياً كنا مصريين قبل أن نكون مسلمين، وكنا مصريين قبل أن نكون أقباطاً، ومن أجل هذا تحديداً فإن «المصرية» هى الأبقى، دون أن يكون فى ذلك بالطبع أى مساس بديانة أى فرد، فديانته محفوظة فى أعماق وجدانه، يمارسها ويمارس طقوسها وشعائرها كما يحب.
إننى أحزن كثيراً عندما أصادف مصرياً يسأل عن ديانة مصرى آخر، ولا أرى لذلك أى مبرر، وأراه تدخلاً من السائل فيما لا يعنيه أبداً، وفيما لا يجوز أن يسأل عنه، أو حتى يكون موضع اهتمامه، ثم أحزن أكثر عندما ألاحظ أن فلاناً من المصريين يحرص عندما ينشر اسمه فى الصحف مثلاً على أن يستدعى اسم جده، أو جد جده، ويضيفه إلى الاسم، ليتبين منه للقارئ أن فلانا هذا مسلم، أو أنه قبطى!.. لقد حدث ذلك فى مرات كثيرة، وكنت- ولاأزال- عاجزاً عن فهم الطريقة التى يفكر بها كل واحد ينساق وراء هذا المسلك السخيف!
كل ما أرجوه أن تساند الحكومة رئيس جامعتها الأم، وأن يبدو واضحاً مما يمكن أن يصدر عن الحكومة، من كلام، أنها تدعم رئيس أقدم جامعاتنا وأعرقها فى قراره، وأن يفهم الجميع، من لغة حكومتنا، أن القرار فى مكانه، وأن صاحبه يستحق التحية عليه، وألا تكرر الحكومة خطأها مع الدكتور جابر فى معركة النقاب!
ثم إن قرار نصار لابد فى المستقبل القريب أن يكون قرار حكومة بكامل هيئتها لبلد بامتداده، لا قراراً داخل أسوار جامعة!