توقيت القاهرة المحلي 04:45:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة طالبان وحديث اليوم

  مصر اليوم -

عودة طالبان وحديث اليوم

بقلم : سليمان جودة

إذا استوعب عقلي أن ما جرى في القلب من المنطقة عام 2011، هو نفسه ما يجري فيها أو على أطرافها عام 2021، فإنه لا يستوعب أن يكون ذلك من قبيل المصادفات!
ما جرى في منطقتنا قبل عشر سنوات كاملة، كان بتشجيع معلن من الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وما يجري فيها عند نهاية السنوات العشر، يتم على يد الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي كان نائباً لأوباما عند بداية العقد الماضي!
ولأن نائب الرئيس في الحالة الأميركية، موقع شكلي أكثر منه موقعاً ذا صلاحيات حقيقية لصاحبه، ولأن شاغل منصب النائب هناك لا يظهر أثر منصبه في الواقع السياسي بجد، إلا إذا خلا موقع الرئيس فجأة لأي سبب، كما حدث في حالة الرئيس ريتشارد نيكسون على سبيل المثال، عندما استقال، فجاء النائب جيرالد فورد في مكانه رئيساً من دون انتخابات حسب نص الدستور، فإننا لا نعرف على وجه الدقة، ما إذا كان بايدن قد اقتنع بسياسات الرئيس أوباما في وقتها أم لا!
إن كامالا هاريس التي تشغل موقع نائب الرئيس بايدن، لم تظهر إلى جواره منذ انتخابها معه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلا مرات معدودة على أصابع اليد الواحدة، وهي مسألة كاد معها المتابعون للشأن العام الأميركي ينسون اسم هاريس، وكادوا ينسون شكلها أيضاً، ولولا أن ما حدث في كابل قد دفعها إلى القيام بجولة حالية في بعض دول جنوب آسيا، ما كان اسمها قد قفز فجأة إلى الصفحات الأولى من الجرائد، وما كانت صورتها قد عادت تظهر فوق الشاشات!
ولذلك، فليس من العدل محاسبة بايدن على ما كان من بلاده من سياسات في أرجاء العالم، وقت أن كان يعمل إلى جوار أوباما، لأن عينه كانت في ذلك الوقت بصيرة، ولكن يده كانت قصيرة بحكم الصلاحيات القليلة التي كانت لديه، وإنما يمكن مساءلته اليوم بملء الفم، لأن عينه إذا كانت بصيرة وهي كذلك دون شك، فإن يده ليست بالتأكيد قصيرة!
كان أوباما يظهر سعيداً في زمن ما يسمى الربيع العربي، وكان يشجعه ويحرض على تثبيت قدميه في المنطقة، وكان نائبه يبدو إلى جواره في الكثير من الأحيان، بدون أن نعرف ما إذا كانت قناعاته السياسية في موضوع الربيع هي نفسها قناعات الرئيس أم أنها كانت تختلف؟!
والمنطق يقول إن قناعات الاثنين لا بد أن تكون واحدة، أو تكون على الأقل متشابهة، وإلا، فكيف سوف يعملان معاً في بيت أبيض واحد؟!
وفي وقت أوباما لم يكن أحد في المنطقة ينشغل كثيراً بما إذا كان النائب مقتنعاً بما يمارسه الرئيس أم لا، لأن قناعات الثاني تؤثر في قناعات الأول وليس العكس، وهذا ما جعل بايدن وقتها خارج الصورة بالنسبة للذين كانوا يتابعون سياسات الإدارة في المنطقة!
كان أوباما لا يداري انحيازه الواضح إلى تيار الإسلام السياسي، وكان لا يُخفي رغبة إدارته في تمكين الجماعات التي تمثل هذا التيار من مقاعد الحكم في أكثر من عاصمة عربية، وكانت عبارته الشهيرة التي دعا من خلالها الرئيس حسني مبارك إلى التنحي عن الحكم، هي أصدق دليل على طبيعة ما كان يريده، وعلى طبيعة ما كانت تدعو إليه إدارته من سياسات في منطقتنا!
وعندما جاء دونالد ترمب خلفاً لأوباما، تنفست عواصم المنطقة قليلاً من الهدوء، لأن موقف الإدارة الجديدة من تيار الإسلام السياسي كان واضحاً، وبالذات على مستوى شخص الرئيس وأفكاره المعلنة على لسانه، وبصرف النظر طبعاً عن موقف أجهزته المختلفة التي تشاركه الحكم، فهي أجهزة بدا في أكثر من مناسبة أن مواقفها ليست بالضرورة متطابقة مع موقف ساكن البيت الأبيض رغم أنه الرئيس!
وحين أشرفت سنوات ترمب على نهايتها، طرح بايدن اسمه في بورصة الأسماء التي ستخوض السباق الرئاسي، وعاد اسمه إلى الظهور في مركز الأضواء من جديد، ولم يكن كثيرون يتوقعون وصوله إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، بمن في ذلك ترمب نفسه الذي كان يبدو متأكداً من الفوز مرة ثانية!
ولكن احتمالات عدم فوز النائب السابق لأوباما، لم تمنع أن يظل يتلقى أسئلة فاصلة كانت في أشد الحاجة إلى أجوبة حاسمة، وكان السؤال الأول بطبيعة الحال هو عما إذا كان فوزه سيجعل من رئاسته نسخة أخرى من حكم أوباما، أم أن له أفكاره السياسية الخاصة التي تضمن أن تختلف إدارته عن إدارة سابقة، كان هو يستقر في موقع الرجل الثاني فيها لثمانية أعوام؟!
وفي وقت ترشحه كان شيء واحد في المنطقة يخصنا في فوزه بالمنصب، وكان هذا الشيء هو موقفه لو نجح من الفكرة الأساسية التي قام عليها ما لا يزال يسمى الربيع العربي. فهذا هو الموضوع الشاغل لأبناء الإقليم ولا موضوع سواه، لأن لنا أن نتخيل شكل هذه المنطقة الآن، لو أن أوباما لم يتحمس لما تحمس له على أرضها وبين عواصمها الكبيرة!
كان المرشح بايدن ينفي أي احتمال لأن يصبح صورة من أوباما إذا ما فاز، وكان حريصاً على نفي الفكرة في كل مرة تُثار أمامه، ولكن النفي وحده لم يكن يكفي طبعاً، فالفيصل هو في التجربة العملية على الأرض، وليس في الكلام مهما كانت حلاوته، ومهما كانت لهجة الطمأنة فيه.
وكان مما يثير المخاوف من عودة أفكار أوباما متخفية في صورة إدارة جديدة، أن أوباما بنفسه كان يتولى الدعاية لنائبه السابق، وقد ظهر في فيديو شهير يتصل خلاله عشوائياً بأرقام تليفونية أرضية، كان يختارها بشكل تلقائي من دليل التليفونات، وكان يفاجئ أصحابها الناخبين بأنه فلان، وأنه يدعوهم إلى التصويت لصالح بايدن!
كانت دعايته جزءاً بالطبع من التنافس السياسي المفهوم بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولكنها دعاية كانت تشير في جانب من جوانبها إلى أن بينه وبين المرشح الذي يروّج له في السباق، أفكاراً سياسية مشتركة يؤمنان بها ويقتنعان بجدواها.
فهل كان من بين الأفكار المشتركة بين إدارتيهما، إيمانهما بأن وصول الجماعات الإسلامية إلى الحكم في الشرق الأوسط على امتداده، يمكن أن يكون حلاً لاحتواء التشدد، فلا تصل تداعياته إلى الولايات المتحدة على الشاطئ الآخر من المحيط؟!
الحقيقة أن فتح الطريق أمام «طالبان» للوصول إلى القصر في كابل على يد إدارة بايدن، لا يختلف من حيث عائده على المدى الطويل في المنطقة، عن فتح الطريق أمام جماعة الإخوان إلى القصر أيضاً قبل عشر سنوات على يد إدارة أوباما!
قد يقال كلام كثير عن الفوارق الأساسية الكثيرة بين الحركة هناك في العاصمة الأفغانية، وبين الجماعة هنا في المنطقة العربية، ولكن الحديث اليوم هو عن عوائد ما حدث قبل عقد من الزمان في وقته، ثم عن عوائد ما يحدث في هذه اللحظة ونحن نتابع الإشارات التي تصدر عن «طالبان»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة طالبان وحديث اليوم عودة طالبان وحديث اليوم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 04:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
  مصر اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon