بقلم - سليمان جودة
أعرف جون كاسن، سفير بريطانيا فى القاهرة، وأعرف من خلال لقاء معه دعانى إليه قبل عامين من الآن، أنه شخص لطيف.. وقد أحسست بعد اللقاء الذى دام بيننا نحن الاثنين، ساعتين تقريباً، وكتبت عنه فى هذا المكان فى حينه، أنه رجل فى مكانه تماماً، وأنه.. شأن الإنجليز عموماً.. يعرف ماذا بالضبط عليه أن يفعل، فى الموقع الذى يمثل فيه جلالة الملكة اليزابيث الثانية!.
وقد أعجبتنى مقالته المنشورة فى هذه الجريدة صباح أمس.. أعجبتنى لأنه تحدث فيها بالتلقائية نفسها التى تصرف بها معنا فى كل موقف، منذ جاء سفيراً إلى بلادنا قبل أربع سنوات مضت.. أعجبتنى لأنه يظل سفيراً فريدا من نوعه حقاً، من حيث تلقائيته الواضحة، ومن حيث قدرته العجيبة على الاختلاط بالمصريين، ومن حيث رغبته الأكيدة فى فهم المجتمع الذى جاء يمثل بلاده فيه.. ولا أظن أن سفيراً أجنبياً يمكن أن ينافسه فى ذلك، سوى ريتشارد دونى، سفير الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق فى القاهرة.. فلقد كنا نُفاجأ به بالحسين، مرة، وفى مولد السيد البدوى، مرة ثانية، وفى مولد السيدة، مرةً ثالثة.. وهكذا.. وهكذا.. فلم يكن له مثيل.. اللهم إلا جون كاسن!.
وقد توقفت طويلاً أمام عبارة فى المقالة تقول: إن مائة مليون مواطن فى مصر هُم ثروتها الحقيقية.. توقفتُ أمامها، وأردت أن أضعها أمامكم هنا فى برواز.. وسوف أعود إليها!.
غير أن عنوان المقالة قد استوقفنى أكثر، حين جاء هكذا: كيف غيرتنى مصر؟!.. ثم استوقفنى موضوعها بالضرورة.. فمن خلاله راح يستعرض الأشياء التى صادفته فى علاقته بالمصريين، فغيرت منه، وجعلت منه إنساناً آخر يختلف عن الإنسان الذى كان قبل سنوات أربع!
وأنا أصدقه طبعاً.. غير أنى أريد أن أهمس فى أُذنه بأن تغيره بعد هذه الفترة التى قضاها معنا، إذا كان مهماً.. وهو مهم بطبيعة الحال.. فالأهم أن ينقل تغيره هذا إلى بلاده، لتتغير سياساتها معنا بالتالى.. وإلا فما هى العبرة من تغير فى السفير، لم ينتقل إلى مراكز صناعة القرار فى لندن!.
ما معنى أن تتغير.. يا سعادة السفير.. ثم يظل بلدك يمنع سياحته عن شرم الشيخ لأسابيع، وشهور، وسنين، رغم وفود أمنية وغير أمنية جاءت من بريطانيا، ووفود راحت، وكانت كلها.. كلها فعلاً.. تشهد بأن شرم آمنة تماماً، فيما بعد حادث الطائرة الروسية فوق سيناء، وأن كل ما هو مطلوب من الجهات المصرية المعنية، قد جرى دون تقصير من أى نوع.. ومع ذلك، فالسياحة متوقفة، وكلما سألنا قالوا غداً.. فإذا جاء الغد، قالوا غداً!.
دبّرنى يا سعادة السفير!
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع