توقيت القاهرة المحلي 02:34:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السياسة لها رأى آخر

  مصر اليوم -

السياسة لها رأى آخر

بقلم: سليمان جودة

كلما عادت الحكومة إلى رفع أسعار البنزين والمحروقات عمومًا، سمعنا كلامًا من أهل الاقتصاد يقولون فيه إن قرار الحكومة خطوة فى الاتجاه الصحيح، وإن خطوات أخرى مماثلة لا بديل عن أن تأتى على طول الطريق، وإن هذا ما يقول به الاقتصاد المنضبط، أو الاقتصاد الذى يسعى إلى أن يكون كذلك على الأقل.

ولو أن أحدًا رجع إلى المقال الذى كتبه المهندس الجيولوجى صلاح حافظ فى هذه الجريدة، صباح الأربعاء، فسوف يجد أنه فى مقدمة الداعين إلى ذلك، وأنه يحمل لواء الدعوة إلى تحرير أسعار الطاقة كاملةً، ثم إلى أن يكون تحرير أسعارها وفق برنامج زمنى محدد، ومتدرج، وقريب.. ومبرره فيما يدعو إليه أن الوصول بأسعار الطاقة عندنا إلى الأسعار العالمية سوف يتيح استخدام هذا المورد الطبيعى بالعدل لصالح كل الشعب بدلًا من استفادة شرائح بعينها. وما يقوله الرجل صحيح، إذا تكلمنا اقتصادًا صرفًا.. وهو يذكر أن العجز فى قطاع الطاقة يصل إلى ما يقرب من ٢٢ مليار دولار سنويًّا، وأن هذا الرقم هو قيمة فاتورة الواردات السنوية من البنزين، والسولار، والبوتاجاز، والغاز الطبيعى، والغاز المسال، والمازوت. والقصد أن هناك شرائح مقتدرة فى المجتمع تستفيد من هذه الفاتورة بغير وجه حق، وهناك شرائح أخرى فى المقابل لا تستفيد رغم أنها الأحق.

وأنا لا أنكر أن ما يُقال بهذا المنطق الاقتصادى الخالص صحيح وفى مكانه.. ولكنى ألفت الانتباه إلى أن الحكومة إذا كانت قد عزمت على المضى فى هذا الطريق إلى آخره، فإن للسياسة كلامًا آخر تقوله فى مقابل ما يقوله الاقتصاد، الذى لا يعرف بطبيعته العواطف ولا المشاعر.. ولا بد بالتالى أن تنصت الحكومة بإحدى أُذنيها إلى ما ينصح به أهل الاقتصاد، وأن تنصت بالأخرى إلى ما تقتضيه السياسة بمعناها العام فى حكم الشعوب. ما تقوله السياسة إن رفع أسعار الطاقة إذا كان يذهب إلى التخفف من عبء فاتورة استيرادها فى كل مرة، وصولًا إلى التحلل النهائى من هذا العبء، فإن الذهاب إلى ذلك يرتب أعباءً متراكمة على بسطاء الناس ممن يمثلون غالبية المصريين.. ويظل السؤال عما إذا كان فى مقدور هذه الغالبية أن تتحمل وإلى متى!.

هذا هو التوازن الدقيق الذى على الحكومة.. أى حكومة.. أن تراعيه وأن تمارسه، فلا تتجاهل ما تدعوها إليه حسابات الاقتصاد الجافة بالورقة والقلم، ولا تتغافل فى الوقت نفسه عن أن هؤلاء الناس هُم رعاياها، ومن واجبها ألا تضع على كاهلهم ما يفوق طاقتهم على التحمل، كما أن من حقهم أن يعيشوا حياةً على مستوى فيه الحد المعقول من الآدمية.

مقتضيات السياسة تدعو الحكومة إلى ألا ترفع أسعار الطاقة، ويدعوها منطق الاقتصاد إلى أن ترفعها، ولكن تظل براعة الحكومة سياسيًّا فى قدرتها على أن تجمع بين الحُسنيين دون مخاطر مكلفة، وأن تحرص على مد «شعرة معاوية» بينها وبين الناس، فلا تنقطع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة لها رأى آخر السياسة لها رأى آخر



GMT 10:04 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الجزيرة وأماليا

GMT 10:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

أميركا بين نظرتين

GMT 10:00 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

العبودي... والعميل السرّي (حمَد)!

GMT 09:57 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

ما قبل الصناديق

GMT 09:55 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الظهور المبللة

GMT 08:55 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

قل غير متزوجة ولا تقل «عانس»

GMT 08:51 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

لولا فُسحةُ الأمل

GMT 08:49 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

العقل والمصلحة فى تعميق مساحات الاتفاق

النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - أشهر الجزر السياحية في فينيسيا لقضاء عطلة ممتعة
  مصر اليوم - إستخدام اللون الفيروزي في ديكور المنزل المودرن

GMT 10:54 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

فوائد القمح " النخالة" للأطفال في الوقاية من الربو

GMT 06:48 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تكشف خطورة السجائر الإلكترونية

GMT 11:53 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عطر CH Men Privé"" الرجالي حكاية عن الجاذبية التي لا تٌقاوم

GMT 09:36 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

سيارة "بورش 911 كاريرا كوبية" تحت المجهر

GMT 04:46 2021 الأحد ,20 حزيران / يونيو

أفضل 5 مدربين في الدوري الإنجليزي هذا الموسم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon