بقلم: سليمان جودة
لا يزال منتدى النقب، الذى جمع وزير الخارجية الأمريكى مع خمسة من وزراء الخارجية فى المنطقة، يثير الكثير من الصخب السياسى على كل مستوى!.وحقيقة الأمر أنه صخب مستحق، سواء كان موضوعه توقيت انعقاد المنتدى، أو كان الموضوع مكان الانعقاد بالذات، أو كان غياب وزير خارجية فلسطين عن الحضور مع الوزراء الستة، رغم أنه طرف أصيل فى القضية!.
ولكن الشىء اللافت حقًا، أن عاهل الأردن الملك عبد الله الثانى، قد أراد أن يعوض الفلسطينيين عن تجاهل دعوتهم، فذهب إلى لقاء مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى رام الله بالضفة الغربية.. وهو لم يذهب إلى الضفة وفقط، لكنه جعل زيارته فى التوقيت نفسه الذى كان فيه وزراء الخارجية الستة مجتمعين فى النقب على مرمى حجر من الضفة الغربية!.
ولا بد أن العاهل الأردنى قد قصدها تمامًا، ثم قصد أن يبعث رسالة من الطمأنة إلى كل فلسطينى، وأن يقول فى خلال زيارته إنه لا أمن، ولا استقرار، ولا سلام فى المنطقة، ما لم يتحقق حل الدولتين الذى يقوم على أساس دولة فلسطينية مستقلة إلى جوار الدولة العبرية!.
قصد الملك الأردنى أن يقول لأبناء فلسطين إنه معهم، وأن اختيار هذا التوقيت للزيارة فيه من رسائل الطمأنة من جانبه ما يكفى!.
ومع شىء من التأمل الهادئ فيما جرى بالتوازى فى رام الله وفى النقب، سوف تكتشف أن «رسالة» ملك الأردن كانت فى الحقيقة موجهة إلى المنتدى قبل أن تكون موجهة إلى الفلسطينيين.. وإذا شئنا الدقة أكثر قلنا إنها كانت موجهة إلى أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، الذى دعا إلى لقاء وزراء الخارجية، والذى حمل لواء الدعوة إلى منتدى ينعقد بهذا المسمى للمرة الأولى!.
ولسنا فى حاجة إلى التذكير بأن لدى القيادة الأردنية مسؤولية خاصة تجاه المقدسات الفلسطينية، وتجاه القدس على وجه الخصوص، وهى مسؤولية ممنوحة للأردن برضا فلسطينى من أيام الملك حسين يرحمه الله، ولولا أن الملك عبد الله يدرك هذا جيدًا، ما كانت زيارته اللافتة هذه، من حيث توقيتها، ومن حيث مكانها.. ففى المكان، وفى التوقيت، هدف أردنى أصاب مرماه!.. وهو هدف فى مرماه لأنه وضع أمام بلينكن على مائدة النقب عبارة واحدة تقول: حل الدولتين شبع كلامًا منكم، وينتظر عملًا أمينًا على الأرض!.