بقلم: سليمان جودة
جاء وقت على وزارة الصحة حشدت فيه كل إمكاناتها للانتهاء من مشروع «100 مليون صحة»، وقد انتهت منه بالفعل، وحصل على شهادة قوية من منظمة الصحة العالمية.. كان المشروع قد حظى باهتمام من الرئيس، وكان تنفيذه على مرحلتين، إحداهما كانت أيام الوزيرة السابقة الدكتورة هالة زايد، والثانية كانت مع مجىء الدكتور خالد عبدالغفار على رأس الوزارة.
وكنت قد أشرت إلى المشروع كثيرًا فى وقته، لأنه كان من المشروعات التى تستحق أن تُوصف بأنها «قومية» فعلًا، وبغير أن يكون فى الأمر مبالغة من النوع الذى يجعل كثيرين يسرفون فى إطلاق هذه الصفة على كل مشروع وأى مشروع.. وإلا.. فما هو «المشروع القومى» إذا لم يكن هو هذا المشروع؟.. لقد كان طموحه أن يعلن مصر خاليةً من «ڤيروس سى».. وقد تحقق له هذا بالفعل، وجرى الإعلان عما سعى إليه على مسمع من العالم.
وفى المقابل، كنت قد دعوت الحكومة إلى أن تتبنى مشروعًا مشابهًا يحمل شعار «100 مليون شجرة».. ومن حسن الحظ أن الحكومة استجابت.
كان ذلك قبل عامين تقريبًا من الآن، وكان من الطبيعى أن تكون الوزارة المعنية بالمشروع الجديد هى وزارة البيئة، التى كانت تتولاها وقت إطلاقه الوزيرة الدكتورة ياسمين فؤاد، والتى استمرت فى مسؤوليتها عن حقيبة البيئة فى الحكومة الجديدة.. وكان المشروع قد استحوذ على اهتمام حكومى إعلامى وقت البدء فيه، ولكنه ما لبث الحديث عنه أن توارى ولم يعد له وجود.
وقبل أن يتلقى الدكتور مصطفى مدبولى تكليفًا رئاسيًا بتشكيل حكومته الجديدة، دعوت الدكتورة ياسمين إلى أن تحيى مشروعًا قديمًا كان يحلم بتشجير محيط القاهرة.. وقد جاءنى منها خطاب يقول إنها ماضية فى تنفيذ مشروع «100 مليون شجرة»، وإنها زرعت منه مليونًا و450 ألفًا، وإنها وزعت عشرة آلاف شجرة وشتلة فى حى المعادى، وأعطت جمعية محبى الأشجار عددًا من الأشجار لزراعتها فى الميادين، وخصصت 20 ألفًا لمحافظة القاهرة فى العام المالى 2024- 2025، وأن ذلك كله يتم بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية لتحديد نوعية الأشجار والبيئة الملائمة لها، ومع وزارة الرى لتحديد المياه المطلوبة.
وإذا كانت الوزارة قد زرعت هذا العدد فى خلال عامين تقريبًا، فهذا معناه أن معدل التنفيذ بطىء للغاية، وأن التنفيد لو استمر بهذه الوتيرة المتباطئة فسوف نكون فى حاجة لمائة سنة كاملة لإنجاز المشروع!!.. والحمد لله أن الدكتور مصطفى مدبولى أيقظ المشروع عندما دعا إلى اجتماع بحضور الوزيرة، أمس الأول، وقرر فيه تشجير المحاور الكبرى فى القاهرة والمحافظات، وقرر أيضًا منع قطع أى شجرة فى أى مكان.. فالدكتور مدبولى مشكور على ما دعا إليه وقرره فى الاجتماع.
والأهم أنه نبه الوزيرة التى كانت فى حاجة إلى مائة سنة لتنفيذ المشروع، وكانت كلما سألها الإعلام عنه لم تهتم، مع أنه مشروع وثيق الصلة بصحة الناس!.