بقلم: سليمان جودة
نفى طارق عامر، محافظ البنك المركزى، ما جرى تداوله عن مديونية مستحقة للبنوك على المهندس خالد عبدالله، رئيس مجموعة بيت الخبرة، الذي ثار حوله كلام كثير في الفترة الأخيرة!.. ومما قاله السيد المحافظ، ردًّا على سؤال للزميل مصطفى بكرى، أن المنشور عن خالد عبدالله يحمل مبالغات كبيرة، وأن رئيس بيت الخبرة عميل غير متعثر حتى الآن بالنسبة للبنوك، وأنه لا توجد بلاغات ضده، وأن البنوك شغلها منضبط.
هذا هو كلام محافظ البنك المركزى، الذي يجلس على رأس الجهاز المصرفى في البلد، وكلامه كما ترى قليل بقدر ما هو دقيق، كما أن كلماته مختارة بعناية واهتمام.
وإذا كان لى أن أتمنى شيئًا في هذا الموضوع، فما أتمناه أن ينتشر كلام المحافظ بالسرعة نفسها الذي انتشر بها الحديث عن عبدالله، وعن هروبه، وعن مديونياته، وعن.. وعن.. إلى آخر ما قيل وما تابعناه.. ثم تبين لنا من كلمات الرجل المسؤول عن الجهاز المصرفى كله أن ما نُشر وانتشر يحتوى على المبالغات أكثر مما يمس الحقيقة، ويضخم أكثر مما يتحرى الموضوعية فيما يقوله!.
والحقيقة أن ما حدث في موضوع رئيس بيت الخبرة حدث في موضوعات وقضايا سابقة، وسيحدث في موضوعات وقضايا لاحقة، وقد حدث ويحدث وسيحدث تحت عنوان كبير اسمه سرعة انتشار كل ما هو غير حقيقى، وبطء الحقيقة في الوصول إلى الناس!.
إن هذا مرض العصر وكل عصر.. ومن الواضح أن هذا هو قَدَر الناس مع الشائعات والمعلومات المغلوطة، ثم مع الحقيقة والصدق في المقابل.. فالشائعة تركب صاروخًا في أي قضية وتدور حول الأرض سبع مرات، ولكن الحقيقة في القضية نفسها تركب السلحفاة.. صحيح أنها تصل وتظهر، ولكنها تفعل ذلك متأخرة، وبعد أن يكون الناس قد أكلوا شائعات وشبعوا أقاويل!.
أفضل شىء فعله طارق عامر أنه تكلم بهذه الكلمات المحددة، لا ليغلق هذا الملف أو سواه مما يتداوله الناس، ولكن ليدعونا إلى أن نكون أكثر دقة في تناول أي قضية، وأكثر حرصًا في التأكد من صحة ما نتداوله حتى نقطع الطريق على المتحدثين بما هو غير دقيق، وحتى نفسح المجال للموضوعية بيننا، وحتى نهدأ قليلًا فلا نهوّل ولا نهوّن مما نقول!.
لابد أن نراعى ذلك ونحرص عليه، ونحن نرى الخبر السيئ يصل إلى الملايين في لحظة، وينتقل من لسان إلى لسان في يسر وسهولة، بينما الخبر الجيد لا يكاد أحد يلتفت إليه!.