بقلم : سليمان جودة
عزل العاصمة السودانية بالكامل، في مواجهة ڤيروس كورونا، لم يمنع رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، من استقبال وزيرة الخارجية في حكومته، أسماء عبدالله، ومعها ياسر عباس، وزير الرى، الذي خرج من الاجتماع ليتحدث حول موقف السودان في قضية سد النهضة!.. يقول الخبر الذي نقلته الصحف عن عدد من وكالات الأنباء في الخرطوم، إن حمدوك أراد بالاجتماع أن يطمئن على موقف بلاده التفاوضى في القضية!.
ولكن الغريب حقاً هو ما صدر عن الوزير عباس، الذي قال إن السودان لا يقف مع مصر على حساب إثيوبيا، ولا مع الأخيرة على حساب مصر، وإن للسودان حقوقاً في ماء النيل، وإن الهدف من جانبه هو السعى إلى المحافظة على هذه الحقوق!.
ولو راجع الوزير السودانى ما صدر عنه، فسوف يكتشف أنه كلام غير دقيق تماماً، فيما يخص وقوف الخرطوم على الحياد بين القاهرة وأديس أبابا.. فهو نفسه كان حاضراً في الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الدول الثلاث في واشنطون يناير الماضى، وفيها تغيبت إثيوبيا عن الحضور دون مقدمات، وفيها أيضاً وقعت مصر على مشروع الصيغة النهائية للاتفاق بين الدول الثلاث، ولم تكن المفاجأة فقط في تغيب الجانب الإثيوبى، ولكنها كانت بالقدر نفسه في تحفظ السودان وامتناعه عن التوقيع!.
كان توقيع القاهرة تعبيراً عن جدية وعن مسؤولية، وكان عدم توقيع السودان يمثل علامة استفهام كبيرة.. فهل كان عدم توقيعه حياداً أم أنه كان انحيازاً إلى إثيوبيا على حساب مصر؟!.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكن الموقف السودانى ذاته تكرر بعدها مباشرةً في اجتماعات الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة.. وفى الحالتين كان تقديرى أن السودان لا يقف في المربع الصحيح!.
لا أحد يطالب الخرطوم بأن تكون منحازة، إلا إلى عدالة القضية الموضوعة على المائدة أمام مفاوضى الحكومات الثلاث.. عدالة القضية التي دفعت مصر إلى الحديث أكثر من مرة، وفى أكثر من محفل، عن أنها لا تقف في طريق التنمية التي تريدها إثيوبيا من وراء السد، ولكنها تقف في طريق أن تكون هذه التنمية على حساب حق شعب في الحياة!.
هذا بالضبط ما يأمله كل مصرى بأن ينحاز الإخوة في السودان إليه، لأننا لو تبادلنا المواقع معهم فسوف تنحاز مصر إلى حق الشعب السودانى في الحياة، ولن تجادل في ذلك ولن تجعله محل نقاش!.