بقلم : سليمان جودة
القاهرة ليست ككل المدن، وتاريخها يضعها فى المقدمة من العواصم التى يقصدها عشاق لها كثيرون حول العالم، ورائحة التاريخ فيها تعطيها ما لا تعطيه لسواها عند المقارنة بينها وبين عواصم شهيرة!. وهى بالتأكيد تستحق معاملة أفضل من جانب الدولة، وتستحق محافظًا يدرك قيمتها، ويعاملها بما يحفظ ما يتبقى على أرضها، ثم يضيف إليه ويزيد!.
وليس من الواضح أن محافظها الحالى يلتفت إلى شىء من هذا كله!.. ولو أنه التفت لكان مثلاً قد انتبه إلى أن المسلة التى زينوا بها ميدان التحرير ليست ككل المسلات المصرية التى تتجمل بها عواصم كثيرة.. والسبب أنهم فى باريس، على سبيل المثال، وضعوا المسلة فوق قاعدة بطول المسلة نفسها، فبدت عملاقة الطول تكاد فرنسا كلها تراها.. أما هنا فوضعناها على قاعدة قصيرة، فكانت أقرب إلى الأرض منها إلى السماء، وظهرت وكأنها قزمة مع أنها ليست كذلك!.
ولو أنصف اللواء خالد عبدالعال عاصمته لكان قد بادر واعترض بقوة، ولكان قد تمسك بألا تبدو المسلة فى التحرير أقصر من مثيلتها فى عاصمة النور!.
ولكننا نقول: كان!!.. الذى هو فعل من الأفعال الماضية!!.
ولو أنصف الرجل قاهرته العريقة لكان قد تفاعل على الفور مع خطاب جاءه من المهندس محمد أبوسعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضارى، الذى أرسل إليه يقول إن مشروع العجلة الدوارة فى مدخل الزمالك لن ينشأ فى مكانه إلا بعد موافقة الجهاز.. فالقانون ١١٩ لعام ٢٠٠٨ يجعل الزمالك منطقة ذات طابع تراثى خاص مع غيرها من مناطق عدة فى القاهرة وفى خارجها، ويعطى هذا القانون للجهاز سلطة منع قيام أى مشروع جديد فى هذه المناطق لا تتفق طبيعته مع اشتراطات محددة!.
كنت قد أشرت إلى سلطة الجهاز التابع لوزارة الثقافة فى هذا الشأن، فتلقيت رسالة من الدكتورة إيناس عبدالدايم تقول فيها إن المهندس أبوسعدة سيتصل ليوضح ويشرح ففعل الرجل مشكورًا.. ولكن عبدالعال غاب عن كل النقاشات التى ملأت الدنيا فى القضية، فبدا الأمر وكأن القاهرة تعنى الجميع إلا محافظها الذى أقسم من أجلها وأدى اليمين!!.