توقيت القاهرة المحلي 12:51:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جاء منتدى شرم الشيخ ليقول هذا الشيء ويؤكده!

  مصر اليوم -

جاء منتدى شرم الشيخ ليقول هذا الشيء ويؤكده

بقلم:سليمان جودة

سوف يكون على مدينة شرم الشيخ التي تختتم منتداها لشباب العالم مساء اليوم، أن تتهيأ لمنتدى عالمي آخر هو مؤتمر المناخ الذي سينعقد فيها خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعد أن كان قد انعقد في غلاسكو البريطانية في الشهر نفسه من السنة الماضية.
ولم يكن غريباً أن تستعد المدينة منذ الآن للحدث المناخي الضخم الذي ستشهده عند نهاية السنة، وكان من علامات استعدادها المبكر أن يخصص منتدى الشباب الذي دام أربعة أيام إحدى جلساته للنظر في تغيرات المناخ في الطريق من غلاسكو إلى شرم، فكأن شرم كانت تدعو إلى جلسة المناخ في منتدى الشباب على سبيل التسخين لاستقبال ضيوف المؤتمر المرتقب!
ولو أنك تطلعت إلى خريطة القُطر المصري فسوف تقع عيناك على شرم الشيخ في أقصى جنوب شبه جزيرة سيناء، وتقريباً عند النقطة التي يتفرع منها البحر الأحمر إلى خليجين: خليج العقبة إلى الشرق من سيناء، ثم خليج السويس إلى الغرب منها.
وليس معروفاً متى ولا لماذا جرى إطلاق مسمى مدينة السلام على شرم الشيخ في هذا الموقع الفريد! ولكن إذا كان من الصعب أن نعرف متى جرى إطلاق الاسم، فمن السهل معرفة لماذا جرى إطلاقه عليها من دون باقي المدن المصرية المتناثرة على الخريطة.
فهي جزء من سيناء التي عادت إلى الوطن الأم بعد معركتين، إحداهما كانت بالسلاح على جبهات القتال في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973، إلى أن تحقق فيها النصر العظيم، والأخرى دارت بالأدوات الدبلوماسية بكل أنواعها، وكانت ضربة البداية فيها عندما زار السادات القدس عام 1977، فعقد بعدها معاهدة للسلام مع إسرائيل اكتملت بها عودة سيناء جزءاً حياً من مصر كما كانت طول تاريخها.
ومن بعد المعركتين بقيت سيناء رمزاً للسلام بين البلدين، وعاشت شرم تحمل هذه الرمزية عن شبه الجزيرة كلها، وكانت ولا تزال أثيرة لدى الكثيرين من السياح في العالم، وكان ولا يزال سياح كثيرون إذا زاروا المحروسة ولم يمروا على شرم أحسوا بأن الزيارة ينقصها شيء لم يتم.
وربما لهذا السبب جرى اختيارها منذ البداية لتكون مسرحاً ممتداً لمنتدى شباب العالم، بدءاً من أول نسخة له خرجت إلى النور في 2017، ومن بعدها تتالى انعقاده في موعده وعلى أرضه، إلى أن جاءت هذه النسخة الرابعة التي كان من الممكن أن تكون السادسة، لولا أن فيروس «كورونا» قد عطّل انتظام المنتدى كما عطّل حركة العالم كله من حولنا، فاختصر من عمر هذا المنتدى المهم نسختين اثنتين!
ومن الوارد أن يثور هنا هذا السؤال: لماذا الشباب، ولماذا شباب العالم، لا شباب مصر، ولا شباب المنطقة، أو حتى الإقليم؟ ثم لماذا كان على شرم أن ترتبط بالمنتدى في كل دوراته، وأن يرتبط هو أيضاً بها فلا نذكره إلا ونذكرها معه، ولا نذكرها إلا ونذكره معها؟!
أما لماذا شرم؟ فلأنها اشتهرت بكونها مدينة للسلام كما أشرت أول هذه السطور، ومن شأن مدينة هذا هو مسماها الذي تشتهر به بين المدن أن تكون الأنسب لأن تحتضن منتدى للشباب بالذات، فربما يتشرب فيها شباب المنتدى قيم السلام مع النفس، ومع الناس، وبين الشعوب، وربما يلتقط العالم أنفاسه لاحقاً بالتالي، إذا ما وصل إلى مواقع القرار فيه شباب منهم يؤمنون بالسلام كقيمة يجب ألا تغيب عن حياة أهل هذا الكوكب، الذي يشقى بأهله، وناسه، وأبنائه، كما لا يشقى بشيء آخر!
وأما لماذا الشباب؟ فلأنهم قوة العقل وقوة البدن معاً، ولو اجتمعت القوتان على ما هو إيجابي في حياة البشر، فإن حياة سوية سوف يعيشها الناس بعيداً عن عالم الأزمات، الذي لا تلتفت أنت إلى ركن من أركانه حولك إلا وتجده قائماً يتفاعل أمام عينيك.
وأما لماذا شباب العالم، لا شباب البلد المضيف، ولا شباب المنطقة، أو الإقليم؟ فلأن في مجيء الشباب مدعوين من 196 دولة إلى المنتدى ما يؤسس للتنوع بوصفه قيمة أخرى تضاف إلى قيمة السلام الذي ترسخ لها المدينة نفسها. وليس أحوج من عالمنا الذي تفترسه الصراعات في كل مكان على امتداده، إلى تدريب الشباب بطريقة عملية لا وعظ فيها، على أن التنوع الذي يراه أمامه بين الحاضرين من كل قُطر، وكل عاصمة، وكل أرض، هو سُنّة من سُنن الخالق في هذا الكون الفسيح، وهو الحكمة التي تتجلى في الخلق على اختلاف أديانهم، وألسنتهم، وألوانهم، وهو سر من أسرار القوة في أي بلد، لا سبب من أسباب الضعف كما قد يراه الذين لا يحبون الاختلاف بمستوياته بين بني آدم.
والقرآن الكريم يقول في سورة «هود»: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة أحدة ولا يزالون مختلفين»، وفي سورة «يونس» يعود ليجعل المعنى في صياغة أخرى فيقول: «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين».
صحيح أن من بين الضيوف الشباب في شرم مَنْ لا يدين بالإسلام ولا يعرف بالتالي القرآن الكريم ولا يقرأ آياته، ولكن المهم أن يصادف ضيوف المنتدى هذا المعنى الذي تحمله الآيتان متمثلاً مرة في تعدد نسخ المنتدى نسخة تلو نسخة، ومرة أخرى في تمسكه دورةً بعد دورة بأن يكون منتدى للشباب في العالم على اتساعه، لا لشباب بلد بعينه، ولا لشباب منطقة دون غيرها.
وهذا يعني أن علينا في منطقتنا التي تَدين في غالبية شعوبها بالإسلام، أن نمارس معاني القرآن عملياً في الحياة مع أنفسنا ومع سوانا، بمثل ما نحفظه صغاراً في الكتاتيب أو في المدارس، وبمثل ما نقرأ ما فيه ونتلوه في الكثير من المناسبات.
وأظن أن منتدى شباب العالم في دوراته الأربع كان يمارس معنى الآيتين الواردتين في السورتين أكثر مما قد يتلوهما أو يعلقهما على أبوابه.
كان يمارس هذا المعنى عندما اختار عالمية الحضور منذ اللحظة الأولى، وعندما دعا شبابه من مائتي دولة تقريباً، وعندما لم يجعل دولة في العالم إلا ولها ممثلون من شبابها على منصته، وإلا وجعلها حاضرة بمسؤولين فيها إذا فاتها أن تحضر بالشباب!
كان يقول هذا كله في إقرار قيمة التنوع، أساساً ينعقد عليه إذا جاء موعده، وكان يقوله في استحضار السلام اسماً لمدينته، كلما حان الوقت الذي يرفع فيه رايته، وكان في الحالتين يرسّخ لقيمتين لهما ما لهما من اعتبار في قائمة القيم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جاء منتدى شرم الشيخ ليقول هذا الشيء ويؤكده جاء منتدى شرم الشيخ ليقول هذا الشيء ويؤكده



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon