توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من غير لحية!

  مصر اليوم -

من غير لحية

بقلم : سليمان جودة

 لا عُذر عندى للذين انخدعوا سنين طويلة فى رجل عاش يصف نفسه بأنه داعية، ويضحك على الآخرين بابتسامة صفراء كانت تميزه.. وقد كان، وربما لايزال، يستخدمها فى الشُغل، ويوظفها فى نصب أكثر من فخ فى طريق الناس.. لا أكثر!.

لا عذر عندى للذين استيقظوا فجأة على وجوده فى إعلان ترويجى لسلعة من السلع فى رمضان!.. ولا عذر للذين لطموا الخدود بأعلى صوت لأنهم اكتشفوا.. فجأة أيضاً.. أن الداعية إياه يخلط الدين بما لا يجوز أبداً الخلط بينه وبين الدين!.

لا عذر من أى نوع!

ولا عذر كذلك للذين انخرطوا فى نوبات من البكاء، ندماً على كل لحظة صدقوا فيها كلمة واحدة من كلمات داعية كان على مدى سنوات يسقى مُريديه سُماً، وخصوصاً الشباب منهم، وكان يمارس أكبر عملية غسيل عقول من خلال التليفزيون فى كل بيت، وكان يفعل ذلك على مرأى من الجميع!.

لا عذر عندى من أى نوع لأن الخطأ ليس خطأه هو.. وإنما خطأ الذين سمحوا له بالتواجد على أوسع الشاشات انتشاراً، وخطأ الذين صدقوا حرفاً مما كان يقوله، ومما كان يُغلفه فى كل مرة بالابتسامة الصفراء.. ثم خطأ الذين اعتقدوا.. ولو للحظة واحدة.. أنه مهموم بالدين، أو أنه مشغول بمبادئ الإسلام ومقاصده العليا.. لم يحدث هذا فى أى وقت.. لقد كان الأمر بالنسبة له تجارة فى تجارة!.

فهو عندما ظهر.. فجأة.. فى الإعلان لم يُغير المهنة، ولكنه فقط غيّر السلعة!.

ومما يمكن أن يسعفنا فى هذا المجال أن طائراً كان يعيش فوق شجرة تطل على شاطئ، وكان إذا عطش نزل فشرب، ثم عاد آمناً إلى العش من جديد، وكان يفعل هذا باستمرار دون مشكلة.. وكان يتحاشى الناس على الشاطئ قدر الإمكان!.

وذات مرة هبط يشرب بالقرب من رجل كان يغتسل على الشاطئ، ولم يتجنبه كما كان يتجنب سواه فى المرات السابقة، وكان السبب أن الرجل كان صاحب لحية، وكانت اللحية كافية لأن تجعل الطائر يطمئن.. ولكن.. ما إنْ اقترب منه حتى قذفه الرجل بحجر كسر منقاره!.

وقد فكر الطائر فى الاختصام إلى النبى سليمان، الذى كان الله تعالى قد أعطاه القدرة على فهم لغة الطير، وقد جاءوا بالرجل إلى مجلس سليمان عليه السلام، وقد سألوه فاعترف بأنه بالفعل قذف الطائر بالحجر، وأن ذلك جرى من جانبه دون ذنب من المجنى عليه!.. وصدر الحُكم عليه بكسر أنفه، ليكون الأنف فى مقابل المنقار!.

لكن الطائر رفض واستأنف الحكم، لأن أنف الرجل لم يكن هو الذى آذاه، وإنما لحيته هى التى خدعته، وطلب بالتالى إزالتها حتى لا ينخدع غيره بها، كما حدث معه حين رآها للوهلة الأولى!.. ليس هذا معناه بالطبع أن كل صاحب لحية مخادع.. فبين أصحاب اللحى أتقياء.. وإنما المعنى فى القصة أن اللحية ليست دليلاً وحدها على أى شىء!.

أما صاحبنا الداعية الذى انخدع فيه مريدوه.. والذى غيّر السلعة ولم يغير المهنة.. فقد فعل كل ما فعله دون لحية طويلة.. ولا حتى قصيرة!.

نقلًا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من غير لحية من غير لحية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon